للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَظَلَّ وَالِيًا مِنْ قِبَل عُثْمَانَ عَلَى مَدِينَةِ الرَّسُولِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ؛ حَتَّى اسْتُشْهِدَ الْخَلِيفَةُ الْمَظْلُومُ .

* * *

لَكِنَّ الصِّفَةَ الَّتِي غَلَبَتْ عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ هِيَ الْأَرْيَحِيَّةُ (١) وَالْجُودُ؛ حَتَّى إِنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ لَقَّبَهُ بِكَرِيمٍ قُرَيْشٍ.

فَقَدْ أَغْدَقَ اللهُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ الْمَالَ بِغَيْرِ حِسَابٍ …

فَجَادَ بِهِ سَعِيدٌ عَلَى عِبَادِ اللهِ بِغَيْرِ حِسَابٍ أَيْضًا.

وَقَدْ رُوِيَتْ لَهُ فِي ذَلِكَ أَخْبَارٌ رَائِعَةٌ كَثِيرَةٌ، وَحُكِيَتْ عَنْهُ قِصَصٌ فَذَّةٌ مُثِيرَةٌ؛ مَلَأَتْ صَفَحَاتِ التَّارِيخِ ثَنَاءً وَضِيَاءً.

مِنْ ذَلِكَ؛ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ كَانَ يَصُرُّ صُرَرَ الْمَالِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ، وَيَضَعُهَا بَيْنَ أَيْدِي الْمُصَلِّينَ مِنْ ذَوِي الْحَاجَاتِ؛ حَتَّى إِذَا فَرَغُوا مِنْ صَلَاتِهِمْ أَخَذُوهَا فَرِحِينَ بِهَا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ (٢).

* * *

وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الْقُرَّاءِ يَحْضُرُ مَجْلِسَهُ، وَيَأْخُذُ عَنْهُ كِتَابَ اللهِ؛ فَافْتَقَرَ وَأَصَابَتْهُ فَاقَةٌ (٣) شَدِيدَةٌ؛ فَقَالَتْ لَهُ زَوْجُهُ:

إِنَّ أَمِيرَنَا سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ يُوصَفُ بِالْجُودِ؛ فَلَوْ ذَكَرْتَ لَهُ حَالَكَ؛ فَلَعَلَّهُ يَسْمَحُ لَكَ بِشَيْءٍ.

فَقَالَ: وَيْحَكِ! … أَتُرِيدِينَ أَنْ تَسْلَخِي (٤) وَجْهِي، وَاللهِ لَا أَفْعَلُ.


(١) الأَرْيَحِيَّة: سُمُوّ الخلق ووفرة المعروف.
(٢) مِنْ غَيْر مَسْأَلَة: أي دون الحاجة للسؤال.
(٣) الفَاقَة: الفقر.
(٤) تَسْلَخِي وَجْهِي: أي تنزعيه؛ وهو كناية عن الذُّل والمهانة.

<<  <  ج: ص:  >  >>