للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يَدَيْهِ … فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ :

(مَا جَاءَ بِكَ يَا جَرِيرُ؟!).

فَقَالَ: جِئْتُ لِأُسْلِمَ عَلَى يَدَيْكَ أَنَا وَقَوْمِي يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلِنُبَايِعَكَ.

فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ :

(إِنَّمَا أُبَايِعُكَ عَلَى أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ … وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ … وَتَنْصَحَ الْمُسْلِمَ، وَتُطِيعَ الْوَالِيَ؛ وَلَوْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا).

قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَبَسَطَ يَمِينَهُ إِلَيْهِ وَبَايَعَهُ.

* * *

وَمُنْذُ ذَلِكَ الْيَوْم؛ تَوَثَّقَتْ (١) عُرَى الْمَوَدَّةِ بَيْنَ النَّبِيِّ وَصَاحِبِهِ جَرِيرِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ، وَنَالَ مِنْ إِكْرَامِ الرَّسُول وَإِعْزَازِهِ مَا لَمْ يَحْظَ بِهِ إِلَّا الْقَلِيلُ النَّادِرُ مِنْ أَصْحَابِهِ السَّابِقِينَ إِلَى الْإِسْلَامِ …

فَمَا حَجَبَهُ الرَّسُولُ يَوْمًا عَنْهُ حَتَّى مَاتَ، وَمَا لَقِيَهُ مَرَّةً إِلَّا هَشَّ لَهُ وَبَشَّ، وَتَبَسَّمَ فِي وَجْهِهِ.

وَلَقَدْ دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ ذَاتَ مَرَّةٍ فِي بَيْتِهِ؛ فَرَحَّبَ بِهِ، وَلَمَّا لَمْ يَجِدْ شَيْئًا يُجْلِسُهُ عَلَيْهِ …

تَنَاوَلَ رِدَاءَهُ وَطَوَاهُ وَطَرَحَهُ لَهُ؛ لِيَجْلِسَ عَلَيْهِ …

فَأَخَذَ جَرِيرٌ الرِّدَاءَ وَضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ، وَطَفِقَ (٢) يُقَبِّلُهُ وَهُوَ يَقُول:

أَكْرَمَكَ اللَّهُ - يَا رَسُولَ اللَّهِ - كَمَا أَكْرَمْتَنِي وَأَعَزَّكَ اللَّهُ كَمَا أَعْزَزْتَنِي.


(١) توثقت العرى: قويت واشتدت.
(٢) طفق: جَعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>