للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَذَبَحَ تَقَرُّبًا لِلَّهِ لَا لِلْأَنْصَابِ (١) وَالْأَصْنَامِ، وَمَضَى إِلَى بِلَادِهِ فَأَمَرَ قَوْمَهُ أَنْ يَحْبِسُوا الْمِيرَةَ عَنْ قُرَيْشٍ؛ فَصَدَعُوا بِأَمْرِهِ وَاسْتَجَابُوا لَهُ، وَحَبَسُوا خَيْرَاتِهِمْ عَنْ أَهْلِ مَكَّةَ.

* * *

أَخَذَ الْحِصَارُ الَّذِي فَرَضَهُ ثُمَامَةُ عَلَى قُرْيَشٍ يَشْتَدُّ شَيْئًا فَشَيْئًا، فَارْتَفَعَتِ الْأَسْعَارُ، وَفَشَا (٢) الْجُوعُ فِي النَّاسِ وَاشْتَدَّ عَلَيْهِمُ الْكَرْبُ، حَتَّى خَافُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ مِنْ أَنْ يَهْلَكُوا جُوعًا.

عِنْد ذَلِكَ كَتَبُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ يَقُولُونَ:

إِنَّ عَهْدَنَا بِكَ أَنَّكَ تَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحُضُّ عَلَى ذَلِكَ …

وَهَا أَنْتَ قَدْ قَطَعْتَ أَرْحَامَنَا؛ فَقَتَلْتَ الْآبَاءَ بِالسَّيْفِ، وَأَمَتَّ الْأَبْنَاءَ بِالْجُوعِ.

وَإِنَّ ثُمَامَةَ بْنَ أُثَالٍ قَدْ قَطَعَ عَنَّا مِيرَتَنَا وَأَضَرَّ بِنَا، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَكْتُبَ إِلَيْهِ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْنَا بِمَا نَحْتَاجُ إِلَيْهِ فَافْعَلْ.

فَكَتَبَ إِلَى ثمَامَةَ بِأَنْ يُطْلِقَ لَهُمْ مِيرَتَهُمْ، فَأَطْلَقَهَا.

* * *

ظَلَّ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ -مَا امْتَدَّتْ بِهِ الْحَيَاةُ- وَفِيًّا لِدِينِهِ، حَافِظًا لِعَهْدِ نَبِيِّهِ، فَلَمَّا الْتَحَقَ الرَّسُولُ بِالرَّفِيقِ الْأَعْلَى، وَطَفِقَ الْعَرَبُ يَخْرُجُونَ مِنْ دِينِ اللَّهِ زُرَافَاتٍ (٣) وَوِحْدَانًا، وَقَامَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ فِي بَنِي "حَنِيفَةَ" يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ بِهِ، وَقَفَ ثُمَامَةُ فِي وَجْهِهِ، وَقَالَ لِقَوْمِهِ:

يَا بَنِي "حَنِيفَةَ" إِيَّاكُمْ وَهَذَا الْأَمْرَ الْمُظْلِمَ الَّذِي لَا نُورَ فِيهِ …


(١) الأنصاب: ما عُبِد من دون الله من تماثيل ونحوها.
(٢) فشا الجوع: انَتَشَر.
(٣) زرافات: جماعات.

<<  <  ج: ص:  >  >>