للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَقَامَ إِلَيْهِ الرِّجَالُ يَسْأَلُونَهُ:

أَتَرَى أَنْ نَنْزِلَ عَلَى حُكْمِ مُحَمَّدٍ يَا أَبَا لُبَابَةَ؟.

فَقَالَ: نَعَمْ … وَلَكِنَّهُ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ لِيُعْلِمَهُمْ بِذَلِكَ؛ أَنَّ الرَّسُولَ قَدْ حَكَمَ عَلَيْهِمْ بِالذَّبْحِ.

قَالَ أَبُو لُبَابَةَ:

فَوَاللَّهِ! مَا زَالَتْ قَدَمَايَ مِنْ مَكَانِهِمَا … حَتَّى عَرَفْتُ أَنِّي قَدْ خُنْتُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَأُسْقِطَ (١) فِي يَدِي؛ فَمَا أَدْرِي كَيْفَ أَخْرُجُ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ.

* * *

لَمْ يَأْتِ أَبُو لُبَابَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ؛ وَإِنَّمَا انْطَلَقَ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى بَيْتِهِ …

فَاسْتَحْضَرَ سِلْسِلَةً مِنْ حَدِيدٍ، وَطَلَبَ أَنْ يُشَدَّ بِهَا إِلَى سَارِيَةٍ (٢) مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى قَدَمَيْهِ … ثُمَّ قَالَ:

وَاللَّهِ لَا أَحُلُّ نَفْسِي، وَلَا أُصِيبُ طَعَامًا أَوْ شَرَابًا؛ حَتَّى يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيَّ … أَوْ أَمُوتَ.

فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللهِ عَلَى حَالِهِ هَذِهِ، وَعَرَفَ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ؛ قَالَ:

(أَمَا إِنَّهُ لَوْ أَتَانِي لَاسْتَغْفَرْتُ لَهُ، وَلَكِنَّهُ قَدْ فَعَلَ … فَلَسْتُ أُطْلِقُهُ حَتَّى يُطْلِقَهُ اللَّهُ).

* * *

ظَلَّ أَبُو لُبَابَةَ عَلَى حَالِهِ هَذِهِ أَيَّامًا حَتَّى ضَعُفَ جِسْمُهُ، وَوَهَنَ عَظْمُهُ،


(١) أُسْقِطَ في يَدِ فلان: تحير وندم.
(٢) السَارِيَة: الأسطوانة، وسارية المسجد عمود ينصب فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>