للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَكَانَ أَبُو لُبَابَةَ فِي طَلِيعَةِ الْمُسْتَقْبِلِينَ الْمُرَحِّبِينَ.

وَمَرَّتِ الْأَيَّامُ … وَأُرْسِيَتْ قَوَاعِدُ دَوْلَةِ الْإِسْلَام.

وَأَذِنَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ بِالْجِهَادِ، وَعَزَمَ الرَّسُولُ عَلَى لِقَاءِ الْمُشْرِكِينَ فِي بَدْرٍ.

فَلَمَّا فَصَلَ (١) جَيْشُ الْمُسْلِمِينَ عَنِ الْمَدِينَةِ؛ مُتَوَجِّهًا لِلقَاءِ عَدُوِّهِ وَعَدُوِّ اللَّهِ؛ كَانَ فِي الْجَيْشِ أَبُو لُبَابَةَ وَهُوَ يَتَشَوَّقُ إِلَى الْجِهَادِ وَيُمَنِّي النَّفْسَ بِالِاسْتِشْهَادِ.

وَلَكِنَّ الرَّسُولَ الْكَرِيمَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ رَدَّهُ مِنْ بَعْضِ الطَّرِيقِ، وَاسْتَخْلَفَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَأَمَرَهُ بِالرُّجُوعِ.

فَأَذْعَنَ أَبُو لُبَابَةَ لِلْأَمْرِ …

وَعَادَ أَدْرَاجَهُ وَفِي النَّفْسِ غُصَّةٌ، وَفِي الْفُؤَادِ حَسْرَةٌ …

وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهَ قَدْ أَمَرَ، وَأَمْرُ الرَّسُولِ لَا يُرَدُّ.

* * *

شَعَرَ الرَّسُولُ الْكَرِيمُ بِمَا يَعْتَمِلُ (٢) فِي نَفْسِ أَبِي لُبَابَةَ مِنْ عَوَاطِفَ مُتَضَارِبَةٍ …

فَفِي خِلَافَةِ رَسُولِ الله عَلَى الْمَدِينَةِ؛ شَرَفٌ مَا يُدَانِيهِ شَرَفٌ …

وَفِي الْحِرْمَانِ مِنْ ثَوَابِ الْجِهَادِ؛ خَسَارَةٌ مَا تَعْدِلُهَا خَسَارَةٌ …

فَطَيَّبَ الرَّسُولُ خَاطِرَهُ، وَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمٍ، وَوَعَدَهُ الْأَجْرَ؛ فَكَانَ كَمَنْ شَهِدَ بَدْرًا.

* * *


(١) فَصَلَ الجَيْش: خرج.
(٢) يَعْتَمِل فِي نَفْسه: يضطرب في نفسه، والمراد: يفكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>