للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لَكِنَّ ثُمَامَةَ إِذَا كَانَ قَدْ كَفَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُفَّ عَنْ أَصْحَابِهِ، حَيْثُ جَعَلَ يَتَرَبَّصُ (١) بِهِمْ، حَتَّى ظَفِرَ بِعَدَدٍ مِنْهُمْ وَقَتَلَهُمْ شَرَّ قِتْلَةٍ؛ فَأَهْدَرَ (٢) النَّبِيُّ دَمَهُ، وَأَعْلَنَ ذَلِكَ فِي أَصْحَابِهِ.

* * *

لَمْ يَمْضِ عَلَى ذَلِكَ طَوِيلُ وَقْتٍ حَتَّى عَزَمَ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ عَلَى أَدَاءِ الْعُمْرَةِ، فَانْطَلَقَ مِنْ أَرْضِ "الْيَمَامَةِ" مُوَلِّيّا وَجْهَهُ شَطْرَ مَكَّةَ، وَهُوَ يُمَنِّي نَفْسَهُ بِالطَّوَافِ حَولَ الْكَعْبَةِ وَالذَّبْحِ لِأَصْنَامِهَا.

* * *

وَبَيْنَا كَانَ ثُمَامَةُ فِي بَعْضِ طَرِيقِهِ قَرِيبًا مِنَ الْمَدِينَةِ نَزَلَتْ بِهِ نَازِلَةٌ لَمْ تَقَعْ لَهُ فِي حُسْبَانٍ.

ذَلِكَ أَنَّ سَرِيَّةً مِنْ سَرَايَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، كَانَتْ تَجُوسُ (٣) خِلَالَ الدِّيَارِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَطْرُقَ الْمَدِينَةَ طَارِقٌ، أَوْ يُرِيدَهَا مُعْتَدٍ بِشَرٍّ.

فَأَسَرَتِ السَّرِيَّةُ ثُمَامَةَ -وَهِيَ لَا تَعْرِفُهُ-، وَأَتَتْ بِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَشَدَّتْهُ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، مُنْتَظِرَةً أَنْ يَقِفَ النَّبِيُّ الْكَرِيمُ بِنَفْسِهِ عَلَى شَأْنِ الْأَسِيرِ، وَأَنْ يَأْمُرَ فِيهِ بِأَمْرِهِ.

وَلَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَهَمَّ بِالدُّخُولِ فِيهِ رَأَى ثُمَامَةَ مَرْبُوطًا فِي السَّارِيَةِ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ:

(أَتَدْرُونَ مَنْ أَخَذْتُمْ؟).

فَقَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ.


(١) يتربص بهم: ينتظر فرصة ليلحق بهم شرًا.
(٢) أهدر دمَه: أباح دمه.
(٣) تجوسُ: تدور وتتنقَّلُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>