للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

هَذَا وَلَقَدْ ظَلَّ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ مَصْدَرَ إِشْعَاعِ وَهِدَايَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ دَهْرًا طَوِيلًا، حَيْثُ مَدَّ اللَّهُ فِي أَجَلِهِ حَتَّى أَوْشَكَ أَنْ يَبْلُغَ مِنَ الْعُمُرِ قَرْنًا مِنَ الزَّمَانِ.

وَلَقَدْ خَرَجَ ذَاتَ سَنَةٍ إِلَى بِلَادِ الرُّومِ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

وَكَانَ الْجَيْشُ بِقِيَادَةِ مَالِكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخَثْعَمِيِّ.

وَكَانَ مَالِكٌ يَطُوفُ بِجُنُودِهِ وَهُمْ مُنْطَلِقُونَ لِيَقِفَ عَلَى أَحْوَالِهِمْ، وَيَشُدَّ مِنْ أَزْرِهِمْ (١)، وَيُولِي كِبَارَهُمْ مَا يَسْتَحِقُّونَهُ مِنْ عِنَايَةٍ وَرِعَايَةٍ.

فَمَرَّ بِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فَوَجَدَهُ مَاشِيًا …

وَمَعَهُ بَغْلٌ لَهُ يُمْسِكُ بِزِمَامِهِ (٢)، وَيَقُودُهُ.

فَقَالَ لَهُ: مَا بِكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ …

لِمَ لَا تَرْكَبُ؟!، وَقَدْ يَسَّرَ اللَّهُ لَكَ ظَهْرًا يَحْمِلُكَ عَلَيْهِ.

فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: (مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَهُ اللهُ عَلَى النَّارِ).

فَتَرَكَهُ "مَالِكٌ" وَمَضَى حَتَّى غَدًا فِي مُقَدِّمَةِ الْجَيْشِ.

ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْهِ، وَنَادَاهُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ، وَقَالَ:

يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، مَا لَكَ لَا تَرْكَبُ بَغْلَكَ، وَهُوَ فِي حَوْزَتِكَ (٣)؟!.

فَعَرَفَ جَابِرٌ قَصْدَهُ، وَأَجَابَهُ بِصَوْتٍ عَالٍ وَقَالَ:


(١) شد أزرهم: قواهم.
(٢) الزمام: حبل تشد به الدّابة وتقاد.
(٣) حوزتك: ملكك.

<<  <  ج: ص:  >  >>