للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قَدْ أَسْلَمَتْ، وَأَنَّ الْمُسْلِمِينَ بَاتُوا يَعِيشُونَ بَيْنَ أَهْلِيهِمْ بِسَلَامٍ؛ فَعَادَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ إِلَى مَكَّةَ، وَكَانَ فِي جُمْلَةِ الْعَائِدِينَ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُهَيْلٍ.

* * *

لَمْ تَكَدْ أَقْدَامُ عَبْدِ اللَّهِ تَطَأُ أَرْضَ مَكَّةَ؛ حَتَّى أَخَذَهُ أَبُوهُ، وَكَبَّلَهُ (١) بِالْقُيُودِ؛ وَأَلْقَى بِهِ فِي مَكَانٍ مُظْلِم مِنْ بَيْتِهِ …

وَجَعَلَ يَفْتَنُّ (٢) فِي تَعْذِيبِهِ، وَيَلِجُّ فِي إِيذَائِهِ، حَتَّى أَظْهَرَ الْفَتَى ارْتِدَادَهُ عَنْ دِينِ مُحَمَّدٍ، وَأَعْلَنَ رُجُوعَهُ إِلَى مِلَّةِ آبَائِهِ وَأَجْدَادِهِ …

فُسُرِّيَ (٣) عَنْ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَقَرَّتْ عَيْنُهُ، وَشَعَرَ بِنَشْوَةِ (٤) النَّصْرِ عَلَى

* * *

ثُمَّ مَا لَبِثَ الْمُشْرِكُونَ أَنْ عَزَمُوا عَلَى مُنَازَلَةِ رَسُولِ اللَّهِ فِي "بَدْرٍ"؛ فَخَرَجَ مَعَهُمْ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو مَصْحُوبًا بِابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ، مُتَشَوِّقًا لِأَنْ يَرَى فَتَاهُ يُشْهِرُ (٥) السَّيْفَ فِي وَجْهِ مُحَمَّدٍ؛ بَعْدَ أَنْ كَانَ إِلَى عَهْدٍ قَرِيبٍ وَاحِدًا مِنْ أَتْبَاعِهِ.

* * *

وَلَكِنَّ الْأَقْدَارَ كَانَتْ تُخَبِّئُ لِسُهَيْلٍ مَا لَمْ يَكُنْ يَقَعُ لَهُ فِي حِسَابٍ …

إِذْ مَا كَادَ يَلْتَقِي الْجَمْعَانِ عَلَى أَرْضِ "بَدْرٍ" حَتَّى فَرَّ الْفَتَى الْمُسْلِمُ الْمُؤْمِنُ إِلَى صُفُوفِ الْمُسْلِمِينَ، وَوَضَعَ نَفْسَهُ تَحْتَ رَايَةِ رَسُولِ اللَّهِ ، وَامْتَشَقَ حُسَامَهُ لِيُقَاتِلَ بِهِ أَبَاهُ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ.

* * *

وَلَمَّا انْتَهَتْ "بَدْرٌ" بِذَلِكَ النَّصْرِ الْمُؤَزَّرِ الَّذِي مَنَّ اللَّهُ بِهِ عَلَى نَبِيِّهِ،


(١) كَبَّلَه: قيده.
(٢) يَفْتنّ: يجعل تعذيبه أنواعًا من الفنون.
(٣) فسُرِّي عنه: انكشف همه وانشرح صدره.
(٤) النّشوة: هزّة الطّرب.
(٥) يشهر سيفه: سله ورفعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>