للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فَقَدْ فَارَقَ الرَّسُولُ الْكَرِيمُ الْحَيَاةَ قَبْلَ أَنْ يَعُودَ مُعَاذٌ مِنَ "الْيَمَنِ".

وَلَا رَيْبَ فِي أَنَّ مُعَاذًا بَكَى لَمَّا عَادَ إِلَى "يَثْرِبَ" فَأَلْفَاهَا (١) قَدْ أَقْفَرَتْ مِنْ أُنْسِ حَبِيبِهِ رَسُولِ اللهِ .

* * *

وَلَمَّا وَلِي الْخِلَافَةَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ؛ أَرْسَلَ مُعَاذًا إِلَى بَنِي "كِلَابٍ" لِيَقْسِمَ فِيهِمْ أُعْطِيَاتِهِمْ، وَيُوَزِّعَ عَلَى فُقَرَائِهِمْ صَدَقَاتِ أَغْنِيَائِهِمْ، فَقَامَ بِمَا عُهِدَ إِلَيْهِ مِنْ أَمْرٍ، وَعَادَ إِلَى زَوْجِهِ بِحِلْسِهِ (٢) الَّذِي خَرَجَ بِهِ يَلُفُّهُ عَلَى رَقَبَتِهِ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: أَيْنَ مَا جِئْتَ بِهِ مِمَّا يَأْتِي بِهِ الْوُلَاةُ مِنْ هَدِيَّةٍ لِأَهْلِيهِمْ؟!.

فَقَالَ: لَقَدْ كَانَ مَعِي رَقِيبٌ يَقِظٌ يُحْصِي عليَّ (٣).

فَقَالَتْ: قَدْ كُنْتَ أَمِينًا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ، وَأَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ فَبَعَثَ مَعَكَ رَقِيبًا يُحْصِي عَلَيْكَ؟!!.

وَأَشَاعَتْ ذَلِكَ فِي نِسْوَةِ عُمَرَ، وَاشْتَكَتْهُ لَهُنَّ …

فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ؛ فَدَعَا مُعَاذًا وَقَالَ:

أأنا بَعَثْتُ مَعَكَ رَقِيبًا يُحْصِي عَلَيْكَ؟!.

فَقَالَ: لَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَكِنَّنِي لَمْ أَجِدْ شَيْئًا أَعْتَذِرُ بِهِ إِلَيْهَا إِلَّا ذَلِكَ … فَضَحِكَ عُمَرُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَأَعْطَاهُ شَيْئًا وَقَالَ لَهُ:

أَرْضِهَا بِهِ …

* *

وَفِي أَيَّامِ الْفَارُوقِ أَرْسَلَ إِلَيْهِ وَالِيهِ عَلَى الشَّامِ يَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ يَقُولُ:


(١) فألفاها: فَوَجَدَها.
(٢) الْحِلْسُ: ما يوضع عَلَى ظَهْرِ الدابَّة تحت السَّرج.
(٣) يريد بالرّقيب: اللَّهَ جَلَّ وعَزَّ عَلَى سبيل التَّورية.

<<  <  ج: ص:  >  >>