للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَرَوَى أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ (١) قَالَ: أَتَيْتُ مَسْجِدَ "دِمَشْقَ"؛ فَإِذَا حلقَةٌ (٢) فِيهَا كُهُولٌ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ .

وَإِذَا شَابٌّ فِيهِمْ أَكْحَلُ الْعَيْنِ بَرَّاقُ الثَّنَايَا، كُلَّمَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ رَدُّوهُ إِلَى الْفَتَى؛ فَقُلْتُ لِجَلِيسٍ لِي: مَنْ هَذَا؟!.

فَقَالَ: مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ.

* * *

وَلَا غَرْوَ (٣) فَمُعَاذُ رُبِّي فِي مَدْرَسَةِ الرَّسُولِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ مُنْذُ نُعُومَةِ الْأَطْفَارِ (٤) وَتَخَرَّجَ عَلَى يَدَيْهِ؛ فَنَهَلَ الْعِلْمَ مِنْ يَنَابِيعِهِ الْغَزِيرَةِ …

وَأَخَذَ الْمَعْرِفَةَ مِنْ مَعِينِهَا الْأَصِيلِ، فَكَانَ خَيْرَ تِلْمِيذٍ لِخَيْرِ مُعَلِّمٍ.

وَحَسْبُ (٥) مُعَاذٍ شَهَادَةً أَنْ يَقُولَ عَنْهُ الرَّسُولُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ: (أَعْلَمُ أُمَّتِي بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ)

وَحَسْبُهُ فَضْلًا عَلَى أُمَّةٍ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ كَانَ أَحَدَ النَّفَرِ السِّتَّةِ الَّذِينَ جَمَعُوا الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.

وَلِذَا كَانَ أَصْحَابُ الرَّسُولِ إِذَا تَحَدَّثُوا وَفِيهِمْ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ نَظَرُوا إِلَيْهِ هَيْبَةً لَهُ وَتَعْظِيمًا لِعِلْمِهِ.

* * *

وَقَدْ وَضَعَ الرَّسُولُ الكَرِيمُ وَصَاحِبَاهُ مِنْ بَعْدِهِ؛ هَذِهِ الطَّاقَةَ الْعِلْمِيَّةَ الْفَرِيدَةَ فِي خِدْمَةِ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ.


(١) أبو مسلم الخولاني: أحد كبار التَّابعين وهُوَ من اليمن … انظره في كتاب "صور من حياة التَّابعين" للمؤلف، الناشر دار الأدب الإسلامي.
(٢) الْحَلْقة: مجلس العلم، وكانوا يتحلّقون في هذه المجالس حَوْلَ الشيخ.
(٣) لا غرو: لَا عَجَب.
(٤) نعومة الأظفار: كناية عن صغر السِّنِّ لأن الصّغير تكون أظفاره ناعمة.
(٥) حسْب مُعَاذ شهادة: يكفيه شهادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>