للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

دَارَتِ الْمَعَارِكُ حَامِيَةَ اللَّظَى مُسْتَطِيرَةَ الشَّرَرِ، وَأَبْدَى فِيهَا الْفَرِيقَانِ مِنْ ضُرُوبِ الْبَسَالَةِ مَا لَمْ تَشْهَدْ لَهُ الْحُرُوبُ نَظِيرًا إِلَّا فِي الْقَلِيلِ النَّادِرِ.

ثُمَّ مَا لَبِثَتْ أَنِ انْجَلَتِ الْمَعَارِكُ عَنْ نَصْرٍ مُؤَزَّرٍ (١) لِلْمُؤْمِنِينَ الْمُجَاهِدِينَ لإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ، وَهَزِيمَةٍ مُنْكَرَةٍ لِلْمُشْرِكِينَ أَعْدَاءِ اللَّهِ.

* * *

وَلَمَّا وَضَعَتِ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا (٢)؛ بَادَرَ سَلَمَةُ بْنُ قَيْسٍ إِلَى قِسْمَةِ الْغَنَائِم بَيْنَ جُنُودِهِ.

فَوَجَدَ فِيهَا حِلْيَةً نَفِيسَةً، فَأَحَبَّ أَنْ يُتْحِفَ (٣) بِهَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؛ فَقَالَ لِجُنُودِهِ: إِنَّ هَذِهِ الْحِلْيَةَ لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَكُمْ لَمَا فَعَلَتْ مَعَكُمْ شَيْئًا …

فَهَلْ تَطِيبُ أَنْفُسُكُمْ إِذَا بَعَثْنَا بِهَا إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ؟.

فَقَالُوا: نَعَمْ … فَجَعَلَ الْحِلْيَةَ فِي سَفَطٍ (٤)، وَنَدَبَ رَجُلًا مِنْ قَوْمِهِ بَنِي "أَشْجَعَ" وَقَالَ لَهُ: امْضِ إِلَى الْمَدِينَةِ أَنْتَ وَغُلَامُكَ، وَبَشِّرْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْفَتْحِ، وَأَطْرِفْهُ (٥) بِهَذِهِ الْحِلْيَةِ.

فَكَانَ للرَّجُل "الْأَشْجَعِيِّ" مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ خَبَرٌ فِيهِ عِبَرٌ وَعِظَاتٌ … فَلْنَتْرُكِ الْكَلَامَ لَهُ لِيَرْوِيَ لَنَا خَبَرَهُ بِنَفْسِهِ.

قَالَ الرَّجُلُ الْأَشْجَعِيُّ:

مَضَيْتُ أَنَا وَغُلَامِي إِلَى "الْبَصْرَةِ" فَاشْتَرَيْنَا رَاحِلَتَيْنِ مِمَّا أَعْطَانَا سَلَمَةُ بْنُ قَيْسٍ، وَأَوْقَرْنَاهُمَا زَادًا (٦).


(١) نصر مؤزَّر: نصر مبين.
(٢) وضعت الحرب أوزارها: انتهت وتوقفت.
(٣) يتحف بها أمير المؤمنين: يقدِّم له ما يجده بديعًا طريفًا.
(٤) السَّفط: صندوق صغير.
(٥) أطرفه: أتحفه.
(٦) أوقرناهما زادًا: حملناهما طعامًا وغيره مما يتزود به المسافر.

<<  <  ج: ص:  >  >>