للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَبِصَاحِبِهِ الصِّدِّيقِ أَجْمَلَ تَرْحِيبٍ، وَخَطَبَ بَيْنَ يَدَيْهِ خُطْبَةً بَلِيغَةً افْتَتَحَهَا بِحَمْدِ اللهِ جَلَّ وَعَزَّ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى نَبِيِّهِ ..

وَاخْتَتَمَهَا بِقَوْلِهِ: "وَإِنَّا نُعَاهِدُكَ - يَا رَسُولَ اللَّهِ - عَلَى أَنْ نَمْنَعَكَ (١) مِمَّا نَمْنَعُ مِنْهُ أَنْفُسَنَا وَأَوْلَادَنَا وَنِسَاءَنَا؛ فَمَا لَنَا لِقَاءَ ذَلِكَ؟ ".

فَقَالَ :

(الْجَنَّةُ)

فَمَا كَادَتْ كَلِمَةُ "الْجَنَّةِ" تُصَافِحُ آذَانَ الْقَوْمِ حَتَّى أَشْرَقَتْ وُجُوهُهُمْ بِالْفَرْحَةِ وَزَهَتْ قَسَمَاتُهُمْ بِالْبَهْجَةِ، وَقَالُوا:

رَضِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ … رَضِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ..

وَمُنْذُ ذَلِكَ الْيَوْم جَعَلَ الرَّسُولُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ خَطِيبَهُ، كَمَا كَانَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ شَاعِرَهُ.

فَصَارَ إِذَا جَاءَتْهُ وُفُودُ الْعَرَبِ لِتُفَاخِرَهُ أَوْ تُنَاظِرَهُ بِأَلْسِنَةِ الْفُصَحَاءِ الْمَقَاوِلِ (٢) مِنْ خُطَبَائِهَا وَشُعَرَائِهَا، نَدَبَ لَهُمْ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ لِمُصَاوَلَةِ (٣) الْخُطَبَاءِ، وَحَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ لِمُفَاخَرَةِ الشُّعَرَاءِ (٤).

* * *

وَلَقَدْ كَانَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مُؤْمِنًا عَمِيقَ الْإِيمَانَ، تَقِيًّا صَادِقَ التَّقْوَى، شَدِيدَ الْخَشْيَةِ مِنْ رَبِّهِ، عَظِيمَ الْحَذَرِ مِنْ كُلِّ مَا يُغْضِبُ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ.


(١) نَمْنَعَك: نحميك.
(٢) الْمَقَاوِل: الْبُلَغَاء الذين يجيدون الْقَوْلَ.
(٣) الْمُصَاوَلة: المنازلة.
(٤) انظر موقف الإسلام من الأدب بعامة ومن الشّعر بخاصة في كتاب "نحو مذهب إسلامي في الأدب والنقد" للمؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>