للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَعِيَالٌ عِنْدِي لَخَرَجْتُ حَتَّى أَقْتُلَ مُحَمَّدًا … فَتَحَمَّلَ لَكَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ دَيْنَكَ وَعِيَالَكَ عَلَى أَنْ تَقْتُلَنِي … وَاللَّهُ حَائِلٌ بَيْنَكَ وَبَيْنَ ذَلِكَ).

فَذَهِلَ عُمَيْرٌ لَحْظَةً، ثُمَّ مَا لَبِثَ أَنْ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ.

ثُمَّ أَرْدَفَ (١) يَقُولُ: لَقَدْ كُنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ نُكَذِّبُكَ بِمَا كُنْتَ تَأْتِينَا بِهِ مِنْ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَمَا يَنْزِلُ عَلَيْكَ مِنَ الْوَحْيِ، لَكِنَّ خَبَرِي مَعَ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ لَمْ يَعْلَمُ بِهِ أَحَدٌ إِلَّا أَنَا وَهُوَ … وَوَاللَّهِ لَقَدْ أَيْقَنْتُ أَنَّهُ مَا أَتَاكَ بِهِ إِلَّا اللَّهُ …

فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَاقَنِي إِلَيْكَ سَوْقًا، لِيَهْدِيَنِي إِلَى الْإِسْلَامِ …

ثُمَّ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَسْلَمَ.

فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: (فَقِّهُوا أَخَاكُمْ فِي دِينِهِ، وَعَلِّمُوهُ الْقُرْآنَ، وَأَطْلِقُوا أَسِيرَهُ).

* * *

فَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بِإِسْلَامِ عُمَيْرِ بْنِ وَهْبٍ أَشَدَّ الْفَرَحِ؛ حَتَّى إِنْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: لَخِنْزِيرٌ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ عُمَيْرِ بْنِ وَهْبٍ حِينَ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ، وَهُوَ الْيَوْمَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ بَعْضِ أَبْنَائِي.

* * *

وَفِيمَا كَانَ عُمَيْرٌ يُزَكِّي (٢) نَفْسَهُ بِتَعَالِيمِ الْإِسْلَامِ، وَيُشْرِعُ (٣) فُؤَادَهُ بِنُورِ الْقُرْآنِ، وَيَحْيَا أَرْوَعَ أَيَّامٍ حَيَاتِهِ وَأَغْنَاهَا، مِمَّا أَنْسَاهُ مَكَّةَ وَمَنْ فِي مَكَّةَ.

كَانَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ يُمَنِّي نَفْسَهُ الْأَمَانِيَّ، وَيَمُرُّ بِأَنْدِيَةِ قُرَيْشٍ فَيَقُولُ:

أَبْشِرُوا بِنَبَإٍ عَظِيمٍ يَأْتِيكُمْ قَرِيبًا فَيُنْسِيكُمْ وَقْعَةَ "بَدْرٍ".

* * *

ثُمَّ إِنَّهُ لَمَّا طَالَ الاِنْتِظَارُ عَلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، أَخَذَ الْقَلَقُ يَتَسَرَّبُ إِلَى نَفْسِهِ شَيْئًا فَشَيْئًا، حَتَّى غَدَا يَتَقَلَّبُ عَلَى أَحَرَّ مِنَ الْجَمْرِ، وَطَفِقَ يُسَائِلُ الرُّكْبَانَ


(١) أَرْدَفَ: أَتْبَع.
(٢) يزكي نَفْسه: يطهرها.
(٣) يترع فؤاده: يملأ قلبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>