للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَامْتَدَّتْ بِهِ الْحَيَاةُ حَتَّى أَدْرَكَ خُلَفَاءَ رَسُولِ اللَّهِ الرَّاشِدِينَ الْأَرْبَعَةَ، وَعَاشَ فِي رِعَايَتِهِمْ جَلِيلَ الْقَدْرِ نَبِيةَ الذِّكْرِ …

* * *

دَخَلَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي خِلَافَتِهِ، فَأَعْلَى عُمَرُ مَجْلِسَهُ، وَبَالَغَ فِي تَقْرِيبِهِ وَقَالَ لَهُ: مَا أَحَدٌ أَحَقَّ مِنْكَ بِهَذَا الْمَجْلِسِ غَيْرُ بِلَالٍ (١).

ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ أَشَدِّ مَا لَقِيَ مِنْ أَذَى الْمُشْرِكِينَ، فَاسْتَحْيَا أَنْ يُجِيبَهُ …

فَلَمَّا أَلَحَّ عَلَيْهِ أَزَاحَ رِدَاءَهُ عَنْ ظَهْرِهِ، فَجَفِلَ (٢) عُمَرُ مِمَّا رَأَى، وَقَالَ:

كَيْفَ صَارَ ذَلِكَ؟!.

فَقَالَ خَبَّابٌ: أَوْقَدَ الْمُشْرِكُونَ لِي حَطَبًا حَتَّى أَصْبَحَ جَمْرًا …

ثُمَّ نَزَعُوا عَنِّي ثِيَابِي، وَجَعَلُوا يَجُرُّونَنِي عَلَيْهِ، حَتَّى سَقَطَ لَحْمِي عَنْ عِظَامِ ظَهْرِي، وَلَمْ يُطْفِئ النَّارَ إِلَّا الْمَاءُ الَّذِي نَزَّ (٣) مِنْ جَسَدِي …

* * *

اغْتَنَى خَبَّابٌ فِي الشَّطْرِ الْأَخِيرِ مِنْ حَيَاتِهِ بَعْدَ فَقْرٍ، وَمَلَكَ مَا لَمْ يَكُنْ يَحْلُمُ بِهِ مِنَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةِ …

غَيْرَ أَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مَالِهِ عَلَى وَجْهِ لَا يَخْطُرُ بِبَالِ أَحَدٍ …

فَقَدْ وَضَعَ دَرَاهِمَهُ وَدَنَانِيرَهُ فِي مَوْضِعِ مِنْ بَيْتِهِ يَعْرِفُهُ ذَوُو الْحَاجَاتِ مِنَ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ.

وَلَمْ يَشْدُدْ عَلَيْهِ رِبَاطًا (٤)، وَلَمْ يُحْكِمْ عَلَيْهِ قُفْلا، فَكَانُوا يَأْتُونَ دَارَهُ وَيَأْخُذُونَ مِنْهُ مَا يَشَاؤُونَ دُونَ سُؤَالِ أَوِ اسْتِئذَانٍ …


(١) بلال بن رباح: انظره ص ٣٠٣.
(٢) جفل مِمَّا رأى: نَفَرَ مِمَّا رأى.
(٣) نَزَّ: تَحَلَّب وتقاطَرَ.
(٤) لم يَشْدُدْ عَلَيْهِ رباطا: لم يُخَبّئه.

<<  <  ج: ص:  >  >>