للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

كَانَ مُحَمَّدٌ يَعِدُنَا بِأَنْ نَمْلِكَ كُنُوزَ كِسْرَى وَقَيْصَرَ، وَهَا نَحْنُ الْيَوْمَ لَا يَأْمَنُ الْوَاحِدُ مِنَّا عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى بَيْتِ الْخَلَاءِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ!!.

ثُمَّ طَفِقُوا يَنْفَضُّونَ (١) عَنِ النَّبِيِّ جَمَاعَةً إِثْرَ جَمَاعَةٍ بِحُجَّةِ الْخَوْفِ عَلَى نِسَائِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ مِنْ هَجْمَةٍ يَشُنُّهَا عَلَيْهِمْ بَنُو "قُرَيْظَةَ" إِذَا نَشِبَ الْقِتَالُ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ مَعَ الرَّسُولِ سِوَى بِضْعِ (٢) مِئَاتٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ.

وَفِي ذَاتِ لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي الْحِصَارِ الَّذِي دَامَ قَرِيبًا مِنْ عِشْرِينَ يَوْمًا لَجَأَ الرَّسُولُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ إِلَى رَبِّهِ، وَجَعَلَ يَدْعُوهُ دُعَاءَ الْمُضْطَرِّ (٣)، وَيُكَرِّرُ فِي دُعَائِهِ قَوْلَهُ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ (٤) عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ … اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ … ).

* * *

كَانَ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ يَتَقَلَّبُ عَلَى مِهَادِهِ (٥) أَرِقًا كَأَنَّمَا سُمِّرَ (٦) جَفْنَاهُ فَمَا يَنْطَبِقَانِ لِنَوْمٍ، فَجَعَلَ يَسْرَحُ بِبَصَرِهِ وَرَاءَ النُّجُومِ السَّابِحَةِ عَلَى صَفْحَةِ السَّمَاءِ الصَّافِيَةِ … وَيُطِيلُ التَّفْكِيرَ … وَفَجْأَةً وَجَدَ نَفْسَهُ تُسَائِلُهُ قائِلَةً: وَيْحَكَ يَا نُعَيْمُ!! …

مَا الَّذِي جَاءَ بِكَ مِنْ تِلْكَ الْأَمَاكِنِ الْبَعِيدَةِ فِي "نَجْدٍ" لِحَرْبِ هَذَا الرَّجُلِ وَمَنْ مَعَهُ؟!! …

إِنَّكَ لَا تُحَارِبُهُ انْتِصَارًا لِحَقِّ مَسْلُوبٍ، أَوْ حَمِيَّةً لِعِرْضٍ مَغْصُوبٍ، وَإِنَّمَا جِئْتَ تُحَارِبُهُ لِغَيْرِ سَبَبٍ مَعْرُوفٍ …


(١) يَنْفَضون: يتفرقون.
(٢) بضع مئات: الْبضع من الثّلاثة إِلَى التّسعة.
(٣) دعاء الْمضطر: دعاء الْمحتاج الشّديد الْحاجة.
(٤) أنشدك عَهْدَك ووعدك: أطلب منك النَّصْرَ الّذي وعدتني به.
(٥) مِهَاده: فِراشه.
(٦) سُمّر جفناه: ثُبِّتَا بالْمسامير.

<<  <  ج: ص:  >  >>