للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فَأَعْرَضَ عَنِ الدِّينِ الْجَدِيدِ أَشَدَّ الْإِعْرَاضِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَحُولَ دُونَهُ وَدُونَ مُتَعِهِ وَلَذَّاتِهِ.

ثُمَّ مَا لَبِثَ أَنْ وَجَدَ نَفْسَهُ مَسُوقًا إِلَى الانْضِمَامِ إِلَى خُصُومِ الْإِسْلَامِ الْأَلِدَّاءِ، مَدْفُوعًا دَفْعًا إِلَى إِشْهَارِ السَّيْفِ فِي وَجْهِهِ.

* * *

لَكِنَّ نُعَيْمَ بْنَ مَسْعُودٍ فَتَحَ لِنَفْسِهِ يَوْمَ غَزْوَةِ "الْأَحْزَابِ" (١) صَفْحَةً جَدِيدَةً فِي تَارِيخ الدَّعْوَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَخَطَّ فِي هَذِهِ الصَّفْحَةِ قِصَّةً مِنْ رَوَائِعِ قِصَصِ مَكَايِدِ الْحُرُوبِ … قِصَّةً مَا يَزَالُ يَرْوِيهَا التَّارِيخُ بِكَثِيرٍ مِنَ الانْبِهَارِ (٢) بِفُصُولِهَا الْمُحْكَمَةِ، وَالْإِعْجَابِ بِبَطَلِهَا الْأَرِيبِ اللَّبِيبِ (٣).

* * *

وَلِتَقِفَ عَلَى قِصَّةِ نُعَيْمِ بْنِ مَسْعُودٍ لَا بُدَّ لَكَ مِنَ الرُّجُوعِ إِلَى الْوَرَاءِ قَلِيلًا.

فَقُبَيْلَ غَزْوَةِ "الأَحْزَابِ" بِقَلِيلٍ هَبَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ يَهُودِ بَنِي "النُّضَيْرِ" فِي "يَثْرِبَ"، وَطَفِقَ زُعَمَاؤُهُمْ يُحَزِّبُونَ الأَحْزَابَ (٤) لِحَرْبِ الرَّسُولِ وَالْقَضَاءِ عَلَى دِينِهِ … فَقَدِمُوا عَلَى قُرَيْشٍ فِي مَكَّةَ، وَحَرَّضُوهُمْ (٥) عَلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَعَاهَدُوهُمْ عَلَى الانْضِمَامِ إِلَيْهِمْ عِنْدَ وُصُولِهِمْ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَضَرَبُوا لِذَلِكَ مَوْعِدًا لَا يُخْلِفُونَهُ.

ثُمَّ تَرَكُوهُمْ وَانْطَلَقُوا إِلَى "غَطَفَانَ" فِي "نَجْدٍ" فَأَثَارُوهُمْ ضِدَّ الْإِسْلَامِ وَنَبِيَّهِ ، وَدَعَوْهُمْ إِلَى اسْتِئْصَالِ (٦) الدِّينِ الْجَدِيدِ مِنْ جُذُورِهِ، وَأَسَرُّوا إِلَيْهِمْ


(١) غزوة الْأحزاب: هي غزوة الخندق وكانت سنة ٥ هـ. وسميت بالخندق الّذي حفره المسلمون حول المدينة ليقف في وجه المشركين.
(٢) الإنبِهار: الدّهشة.
(٣) الأريب اللّبيب: الذّكي الْحاذق.
(٤) يُحَزِّبُون الْأحْزَاب: يجمعون النّاس في فرق وجماعات.
(٥) حرَّضوهم: حثوهم وزينوا لهم.
(٦) استئصال الدّين الْجديد: قطعه من جذوره والْقضاء عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>