للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ثُمَّ نَذَرَتْ لِمَنْ يَأْسِرُهُ أَوْ يَقْتُلُهُ وَيَأْتِيهَا بِرَأْسِهِ، أَنْ تُعْطِيَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مُنْفَسِ الْمَالِ.

فَشَاعَ خَبَرُ نَذْرِهَا فِي قُرَيْشٍ، وَجَعَلَ كُلُّ فَتًى مِنْ فِتْيَانِ مَكَّةَ يَتَمَنَّى أَنْ لَوْ ظَفِرَ بِعَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ، وَقَدَّمَ رَأْسَهُ لِسُلَافَةَ لَعَلَّهُ يَكُونُ الْفَائِزَ بِجَائِزَتِهَا.

* * *

عَادَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى الْمَدِينَةِ بَعْدَ "أُحُدٍ"، وَجَعَلُوا يَتَذَاكَرُونَ الْمَعْرَكَةَ وَمَا كَانَ فِيهَا، فَيَتَرَحَّمُونَ عَلَى الْأَبْطَالِ الَّذِينَ اسْتُشْهِدُوا، وَيُنَوِّهُونَ بِالْكُمَاةِ الَّذِينَ أَبْلَوْا وَجَالَدُوا … فَذَكَرُوا فِيمَنْ ذَكَرُوهُمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ، وَعَجِبُوا كَيْفَ اتَّفَقَ لَهُ أَنْ يُرْدِيَ ثَلَاثَةَ إِخْوَةٍ مِنْ بَيْتٍ وَاحِدٍ فِي جُمْلَةِ مَنْ أَرْدَاهُمْ.

فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: وَهَلْ فِي ذَلِكَ مِنْ عَجَبٍ؟!! …

أَفَلَا تَذْكُرُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ حِينَ سَأَلَنَا قُبَيْلَ "بَدْرٍ" كَيْفَ تُقَاتِلُونَ؟ … فَقَامَ لَهُ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَخَذَ قَوْسَهُ بِيَدِهِ وَقَالَ:

إِذَا كَانَ الْقَوْمُ قَرِيبًا مِنِّي مِائَةَ ذِرَاعٍ كَانَ الرَّمْيُ بِالسِّهَامِ …

فَإِذَا دَنَوْا حَتَّى تَنَالَهُمُ الرِّمَاحُ كَانَتِ الْمُدَاعَسَةُ (١) إِلَى أَنْ تَتَقَصَّفَ الرّماحُ …

فَإِذَا تَقَصَّفَتِ الرِّمَاحُ وَضَعْنَاهَا وَأَخَذْنَا السُّيُوفَ وَكَانَتِ الْمُجَالَدَةُ (٢)

فَقَالَ : (هَكَذَا الْحَرْبُ …

مَنْ قَاتَلَ فَلْيُقَاتِلْ كَمَا يُقَاتِلُ عَاصِمٌ) …

* * *


(١) المداعَسَة: المطاعنة بالرِّمَاح.
(٢) المجالدة: المضاربة بالسّيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>