للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قَائِمًا فِي الْمِحْرَابِ، وَكَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ وَكَبَّرَ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِ، صَرَخَتْ زَيْنَبُ مِنْ صُفَّةِ النِّسَاءِ وَقَالَتْ:

أَيُّهَا النَّاسُ، أَنَا زَيْنَبُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، وَقَدْ أَجَرْتُ أَبَا الْعَاصِ فَأَجِيرُوهُ. فَلَمَّا سَلَّمَ النَّبِي مِنَ الصَّلَاةِ؛ الْتَفَتَ إِلَى النَّاسِ وَقَالَ:

(هَلْ سَمِعْتُمْ مَا سَمِعْتُ؟!).

قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ.

قَالَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا عَلِمْتُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى سَمِعْتُ مَا سَمِعْتُمُوهُ، وَإِنَّهُ يُجِيرُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَدْنَاهُمْ)، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى بَيْتِهِ وَقَالَ لابنَتِهِ:

(أَكْرِمِي مَثْوَى أَبِي الْعَاصِ، وَاعْلَمِي أَنَّكَ لَا تَحِلِّينَ لَهُ).

ثُمَّ دَعَا رِجَالَ السَّرِيَّةِ الَّتِي أَخَذَتِ الْعِيرَ وَأَسَرَتِ الرِّجَالَ وَقَالَ لَهُمْ:

(إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ مِنَّا حَيْثُ قَدْ عَلِمْتُمْ، وَقَدْ أَخَذْتُمْ مَالَهُ، فَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَرُدُّوا عَلَيْهِ الَّذِي لَهُ؛ كَانَ مَا نُحِبُّ، وَإِنْ أَبَيْتُمْ فَهُوَ فَيءُ (١) اللَّهِ الَّذِي أَفَاءَ عَلَيْكُمْ، وَأَنْتُمْ بِهِ أَحَقُّ).

فَقَالُوا: بَلْ نَرُدُّ عَلَيْهِ مَالَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ.

فَلَمَّا جَاءَ لِأَخْذِهِ قَالُوا لَهُ: "يَا أَبَا الْعَاصِ، إِنَّكَ فِي شَرَفٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَأَنْتَ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ وَصِهْرُهُ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تُسْلِمَ، وَنَحْنُ نَنْزِلُ لَكَ عَنْ هَذَا الْمَالِ كُلِّهِ فَتَنْعِمُ بِمَا مَعَكَ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ مَكَّةَ وَتَبْقَى مَعَنَا الْمَدِينَةِ؟.

فَقَالَ: بِئْسَ مَا دَعَوْتُمُونِي أَنْ أَبْدَأَ ديني الْجَدِيدَ بِغَدْرَةٍ.

* * *


(١) الْفيء: ما يغنمه المسلمون من غنائم الحرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>