للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَلَمْ يَكُنْ حُبُّ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ لِأَبِي الْعَاصِ بِأَقَلَّ مِنْ حُبِّ خَدِيجَةَ لَهُ وَلَا أَدْنَى.

* * *

وَمَرَّتِ الْأَعْوَامُ سِرَاعًا خِفَافًا عَلَى بَيْتِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فَشَبَّتْ زَيْنَبُ كُبْرَى بَنَاتِهِ، وَتَفَتَّحَتْ كَمَا تَتَفَتَّحُ زَهْرَةٌ فَوَّاحَةُ الشَّذَى بَهِيَّةُ الرُّوَاءِ. فَطَمَحَتْ إِلَيْهَا نُفُوسُ أَبْنَاءِ السَّادَةِ الْبَهَالِيلِ (١) مِنْ أَشْرَافِ مَكَّةَ …

وَكَيْفَ لَا؟!! … وَهِيَ مِنْ أَعْرَقِ بَنَاتِ قُرَيْشٍ حَسَبًا وَنَسَبًا، وَأَكْرَمِهِنَّ أُمًّا وَأَبًا، وَأَزْكَاهُنَّ (٢) خُلُقًا وَأَدَبًا.

وَلَكِنْ أَنَّى (٣) لَهُمْ أَنْ يَظْفَرُوا بِهَا؟! …

وَقَدْ حَالَ دُونَهُمْ وَدُونَهَا ابْنُ خَالَتِهَا أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرَّبِيعِ فَتَى فِتْيَانِ مَكَّةَ!!.

* * *

لَمْ يَمْضِ عَلَى اقْتِرَانِ زَيْنَبَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ بِأَبِي الْعَاصِ إِلَّا سَنَوَاتٌ مَعْدُودَاتٌ حَتَّى أَشْرَقَتْ بِطَاحُ مَكَّةَ بِالنُّورِ الْإِلَهِيِّ الْأَسْنَى، وَبَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا بِدِينِ الْهُدَى وَالْحَقِّ، وَأَمَرَهُ بِأَنْ يُنْذِرَ عَشِيرَتَهُ الْأَقْرَبِينَ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِهِ مِنَ النِّسَاءِ زَوْجَتُهُ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَبَنَاتُهُ زَيْنَبُ، وَرُقِيَّةُ، وَأُمُّ كُلْثُوم، وَفَاطِمَةُ (٤)، عَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّ فَاطِمَةَ كَانَتْ صَغِيرَةً آنَذَاكَ.

غَيْرَ أَنَّ صِهْرَهُ أَبَا الْعَاصِ، كَرِهَ أَنْ يُفَارِقَ دِينَ آبَائِهِ وَأَجْدَادِهِ، وَأَبَى أَنْ يَدْخُلَ فِيمَا دَخَلَتْ فِيهِ زَوْجَتُهُ زَيْنَبُ، عَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّهُ كَانَ يُصْفِيهَا (٥) بِصَافِي


(١) الْبهاليل: الشادة الجامعون لكل فضل.
(٢) أزكاهن: أرفعهن.
(٣) أَنَّى لهم: من أين لهم.
(٤) فاطمة الزّهراء: انظرها في كتاب (صور من حياة الصّحابيات) للمؤلف.
(٥) يُصْفيها: يَخُصُّها.

<<  <  ج: ص:  >  >>