للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَأَنَّ الْمَشَاهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، تَفُوتُهُ وَاحِدًا بَعْدَ آخَرَ، حَزَمَ أَمْرَهُ - غَيْرَ غَافِلٍ عَنْ عَوَاقِبِ مَا أَقْدَمَ عَلَيْهِ - وَأَقْبَلَ عَلَى عَمِّهِ وَقَالَ:

يَا عَمُّ، لَقَدِ انْتَظَرْتُ إِسْلَامَكَ طَوِيلًا حَتَّى نَفِدَ صَبْرِي، فَإِنْ كُنْتَ تَرْغَبُ أَنْ تُسْلِمَ وَيَكْتُبَ اللَّهُ لَكَ السَّعَادَةَ فَنِعْمَ مَا تَصْنَعُ، وَإِنْ كَانَتِ الْأُخْرَى؛ فَأْذَنْ لِي بِأَنْ أُعْلِنَ إِسْلَامِي بَيْنَ النَّاسِ.

* * *

مَا كَادَتْ كَلِمَاتُ الْفَتَى تُلَامِسُ أُذُنَيْ عَمِّهِ حَتَّى اسْتَشَاطَ غَضَبًا وَقَالَ:

أُقْسِمُ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى (١) لَئِنْ أَسْلَمْتَ لأَنْزَعَنَّ مِنْ يَدِكَ كُلَّ شَيْءٍ كُنْتُ أَعْطَيْتُهُ لَكَ، وَلأُسْلِمَنَّكَ لِلْفَاقَةِ (٢)

وَلأَتْرُكَنَّكَ فَرِيسَةً لِلْعَوَزِ (٣) وَالْجُوعِ.

فَلَمْ يُحَرِّكْ هَذَا التَّهْدِيدُ فِي الْغُلَامِ الْمُؤْمِنِ سَاكِنًا …

وَلَمْ يَفْتُتْ (٤) مِنْ عَزْمِهِ شَيْئًا …

فَاسْتَعَانَ عَمُّهُ عَلَيْهِ بِقَوْمِهِ … فَهَبُّوا يُرْهِّبُونَهُ وَيُرَغِّبُونَهُ …

وَطَفِقُوا يُهَدِّدُونَهُ وَيَتَوَعَّدُونَهُ (٥) فَكَانَ يَقُولُ لَهُمْ:

افْعَلُوا مَا شِئْتُمْ … فَأَنَا وَاللَّهِ مُتَّبِعٌ مُحَمَّدًا، وَتَارِكٌ عِبَادَةَ الْأَحْجَارِ.

وَمُنْصَرِفٌ إِلَى عِبَادَةِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ …

وَلْيَكُنْ مِنْكُمْ وَمِنْ عَمِّي مَا يَكُونُ …

فَمَا كَانَ مِنْ عَمِّهِ إِلَّا أَنْ جَرَّدَهُ مِنْ كُلِّ مَا أَعْطَاهُ …


(١) اللَّات وَالْعُزَّى: انظر هدم الأصنام في كتاب "حدث في رمضان" للمؤلف.
(٢) الْفاقة: الْفقر.
(٣) الْعوز: الحاجة.
(٤) ولم يفتت: ولم يضعضع منه عزمه أو يضعفه.
(٥) يتوعدونه: ينذرونه بالشّر.

<<  <  ج: ص:  >  >>