﵊، وَدَفَعَا إِلَيْهِ رِسَالَةَ "بَاذَانَ" وَقَالَا لَهُ: إِنَّ مَلِكَ الْمُلُوكِ "كِسْرَى" كَتَبَ إِلَى مَلِكِنَا "بَاذَانَ" أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْكَ مَنْ يَأْتِيهِ بِكَ … وَقَدْ أَتَيْنَاكَ لِتَنْطَلِقَ مَعَنَا إِلَيْهِ، فَإِنْ أَجَبْتَنَا كَلَّمْنَا "كِسْرَى" بِمَا يَنْفَعُكَ وَيَكُفُّ أَذَاهُ عَنْكَ، وَإِنْ أَبَيْتَ؛ فَهُوَ مَنْ قَدْ عَلِمْتَ سَطْوَتَهُ (١) وَبَطْشَهُ وَقُدْرَتَهُ عَلَى إِهْلَاكِكَ وَإِهْلَاكِ قَوْمِكَ.
فَتَبَسَّمَ الرَّسُولُ ﵊ وَقَالَ لَهُمَا:
(ارْجِعَا إِلَى رِحَالِكُمَا الْيَوْمَ وَائْتِيَا غَدًا).
فَلَمَّا غَدَوَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ فِي الْيَوْمِ التَّالِي، قَالَا لَهُ: هَلْ أَعْدَدْتَ نَفْسَكَ لِلْمُضِيِّ مَعَنَا إِلَى لِقَاءِ "كِسْرَى"؟.
فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ ﷺ: (لَنْ تَلْقِيَا "كِسْرَى" بَعْدَ الْيَوْم … فَلَقَدْ قَتَلَهُ اللَّهُ؛ حَيْثُ سَلَّطَ عَلَيْهِ ابْنَهُ "شِيرَوَيْهِ" فِي لَيْلَةِ كَذَا … مِنْ شَهْرٍ كَذَا مِنْ … ).
فَحَدَّقَا في وَجْهِ النَّبِيِّ ﷺ، وَبَدَتِ الدَّهْشَةُ عَلَى وَجْهَيْهِمَا، وَقَالَا:
أَتَدْرِي مَا تَقُولُ؟! … أَنَكْتُبُ بِذَلِكَ "لِبَاذَانَ"؟!.
قَالَ: (نَعَمْ، وَقُولَا لَهُ: إِنَّ دِينِي سَيَبْلُغُ مَا وَصَلَ إِلَيْهِ مُلْكُ "كِسْرَى"، وَإِنَّكَ إِنْ أَسْلَمْتَ أَعْطَيْتُكَ مَا تَحْتَ يَدَيْكَ، وَمَلَّكْتُكَ عَلَى قَوْمِكَ).
* * *
خَرَجَ الرَّجُلَانِ مِنْ عِنْدِ الرَّسُولِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَقَدِمَا عَلَى "بَاذَانَ" وَأَخْبَرَاهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ: لَئِنْ كَانَ مَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ حَقًّا فَهُوَ نَبِيٌّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَسَنَرَى فِيهِ رَأْيًا … فَلَمْ يَلبَثْ أَنْ قَدِمَ عَلَى "بَاذَانَ" كِتَابُ "شِيرَوَيْهِ" وَفِيهِ يَقُولُ: أَمَّا بَعْدُ … فَقَدْ قَتَلْتُ "كِسْرَى"، وَلَمْ أَقْتُلْهُ إِلَّا انتِقَامًا لِقَوْمِنَا، فَقَدِ
(١) سطوتَه: قوَّتَه وبأسَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute