للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فَأَرَادَ حَكِيمُ بْنُ حَزَامٍ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْهَا - وَكَأَنَّهُ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يُسْدِلَ سِتَارًا مِنَ النِّسْيَانِ عَلَى ذَلِكَ الْمَاضِي الْبَغِيضُ - فَبَاعَهَا بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ مِنْ فِتْيَانِ قُرَيْشٍ:

لَقَدْ بِعْتَ مَكْرُمَةَ (١) قُرَيْشٍ يَا عَمِّ.

فَقَالَ لَهُ حَكِيمٌ: هَيْهَاتَ (٢) يَا بُنَيَّ، ذَهَبَتِ الْمَكَارِمُ كُلُّهَا وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا التَّقْوَى، وَإِنِّي مَا بِعْتُهَا إِلَّا لِأَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ …

وإنِّي أُشْهَدُكُمْ أَنَّنِي جَعَلْتُ ثَمَنَهَا في سَبِيل الله ﷿.

* * *

وَحَجَّ حَكِيمُ بْنُ حَزَامٍ بَعْدَ إِسْلَامِهِ، فَسَاقَ أَمَامَهُ مِائَةَ نَاقَةٍ مُجَلَّلَةٍ بِالْأَثْوَابِ الزَّاهِيَةِ ثُمَّ نَحَرَهَا جَمِيعَهَا تَقَرُّبًا إِلَى اللهِ …

وَفِي حَجَّةٍ أُخْرَى وَقَفَ فِي عَرَفَاتٍ، وَمَعَهُ مِائَةٌ مِنْ عَبِيدِهِ وَقَدْ جَعَلَ فِي عُنُقِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ طَوْقًا مِنَ الْفِضَّةِ، نَقَشَ عَلَيْهِ:

عُتَقَاءُ للهِ ﷿ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حَزَامٍ.

ثُمَّ أَعْتَقَهُمْ جَمِيعًا …

وَفِي حَجَّةٍ ثَالِثَةٍ سَاقَ أَمَامَهُ أَلْفَ شَاةٍ - نَعَمْ أَلْفَ شَاةٍ - وَأَرَاقَ دَمَهَا كُلِّهَا فِي "مِنًى"، وَأَطْعَمَ بِلُحُومِهَا فُقَرَاءَ الْمُسْلِمِينَ تَقَرُّبًا للهِ ﷿.

* * *

وَبَعْدَ غَزْوَةِ "حُنَيْنٍ" سَأَلَ حَكِيمُ بْنُ حَزَامٍ رَسُولَ اللهِ مِنَ الْغَنَائِمِ فَأَعْطَاهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَأَعْطَاهُ، حَتَّى بَلَغَ مَا أَخَذَهُ مِائَةَ بَعِيرٍ - وَكَانَ يَوْمَئِذٍ حَدِيثَ


(١) مكرمة قريش: يريد الدّار التي بقيت من آثار قريش.
(٢) هيهات: لقد بَعُدْتَ عن الصواب

<<  <  ج: ص:  >  >>