للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَفِيمَا هُوَ فِي بَعْضِ طَرِيقِهِ تَذَكَّرَ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ قَدْ سَمِعَتْ مِنْ كَلَام هَذَا الدَّاعِيَةِ الْمَكِّيِّ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ (١)؛ فَآمَنَتْ بِمُحَمَّدٍ وَاتَّبَعَتْ دِينَهُ.

لَكِنَّهُ مَا لَبِثَ أَنْ قَالَ فِي نَفْسِهِ: وَمَا فِي ذَلِكَ؟ … أَلَمْ يَكُنْ زَوْجُهَا الَّذِي تُوُفِّيَ عَنْهَا مُسْتَمْسِكًا بِدِينِ آبَائِهِ، نَائِيًا بِجَانِبِهِ (٢) عَنْ مُحَمَّدٍ وَدَعْوَةٍ مُحَمَّدٍ؟! * * *

بَلَغَ أَبُو طَلْحَةَ مَنْزِلَ أُمّ سُلَيْمٍ، وَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهَا، فَأَذِنَتْ لَهُ، وَكَانَ ابْنُهَا أَنَسٌ (٣) حَاضِرًا، فَعَرَضَ نَفْسَهُ عَلَيْهَا … فَقَالَتْ:

إِنَّ مِثْلَكَ يَا أَبَا طَلْحَةَ لَا يُرَدُّ، لَكِنِّي لَنْ أَتَزَوَّجَكَ فَأَنْتَ رَجُلٌ كَافِرٌ … فَظَنَّ أَبُو طَلْحَةَ أَنَّ أُمَّ سُلَيْم تَتَعَلَّلُ (٤) عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَأَنَّهَا قَدْ آثَرَتْ عَلَيْهِ رَجُلًا آخَرَ أَكْثَرَ مِنْهُ مَالًا، أَوْ أَعَزَّ (٥) نَفَرًا.

فَقَالَ لَهَا: وَاللهِ مَا هَذَا الَّذِي يَمْنَعُكِ مِنِّي يَا أُمَّ سُلَيْمٍ.

قَالَتْ: وَمَا الَّذِي يَمْنَعُنِي إِذَنْ؟!.

قَالَ: الْأَصْفَرُ وَالْأَبْيَضُ … الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ …

قَالَتْ: الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ؟!.

قَالَ: نَعَمْ.

قَالَتْ: بَلْ إِنِّي أُشْهِدُكَ يَا أَبَا طَلْحَةَ وَأُشْهِدُ اللهَ وَرَسُولَهُ أَنَّكَ إِنْ أَسْلَمْتَ رَضِيتُ بِكَ زَوْجًا مِنْ غَيْرِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ، وَجَعَلْتُ إِسْلَامَكَ لي مَهْرًا …

* * *


(١) مصعب بن عمير بن هاشم: أحد السَّابقين إلى الإسلام، وأَوَّل المبشرين به خارج مَكَّة، استشهد يوم أُحُد.
(٢) نائيًا بجانبه: مُعْرِضًا عنه.
(٣) أنس بن مالك الأنصاري: انظره ص ١٣.
(٤) تتعلل عليه: تتصَنَّع له العلل والْحُجَج.
(٥) أعزُّ نفرًا: أعزَّ قبيلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>