للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

تَكَامَلَتْ، أَخَذَ الْفَارُوقُ يَسْتَشِيرُ أَصْحَابَ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ (١) فِي مَنْ يُوَلِّيهِ عَلَى الْجَيْش الْكَبِيرِ وَيُسْلِمُ إِلَيْهِ قِيَادَهُ، فَقَالُوا بِلِسَانٍ وَاحِدٍ: الْأَسَدُ عَادِيًا … سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، فَاسْتَدْعَاهُ عُمَرُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا، وَعَقَدَ لَهُ لِوَاءَ الْجَيْشِ (٢).

* * *

وَلَمَّا هَمَّ الْجَيْشُ الْكَبِيرُ بِأَنْ يَفْصِلَ (٣) عَنِ الْمَدِينَةِ وَقَفَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُوَدِّعُهُ وَيُوصِي قَائِدَهُ فَقَالَ:

يَا سَعْدُ، لَا يَغُرَّنَّكَ مِنَ اللَّهِ أَنْ قِيلَ: خَالُ رَسُولِ اللَّهِ، وَصَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ ﷿ لَا يَمْحُو السَّيِّئَ بِالسَّيِّئ، وَلَكِنَّهُ يَمْحُو السَّيِّئَةَ بِالْحَسَنَةِ.

يَا سَعْدُ: إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ نَسَبٌ إِلَّا الطَّاعَةَ، فَالنَّاسُ شَرِيفُهُمْ وَوَضِيعُهُمْ فِي ذَاتِ اللَّهِ (٤) سَوَاءٌ؛ اللَّهُ رَبُّهُمْ وَهُمْ عِبَادُهُ يَتَفَاضَلُونَ بِالتَّقْوَى وَيُدْرِكُونَ مَا عِنْدَ اللَّهِ بِالطَّاعَةِ، فَانْظُرِ الْأَمْرَ الَّذِي رَأَيْتَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ فَالْتَزِمْهُ فَإِنَّهُ الْأَمْرُ (٥).

وَمَضَى الْجَيْشُ الْمُبَارَكُ وَفِيهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ بَدْرِيًا (٦)، وَثَلَاثُمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ مِمَّنْ كَانَتْ لَهُمْ صُحْبَةٌ فِيمَا بَيْنَ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ، وَثَلَاثُمِائَةٍ مِمَّنْ شَهِدُوا فَتْحَ مَكَّةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، وَسَبْعُمِائَةٍ مِنْ أَبْنَاءِ الصَّحَابَةِ.

* * *

مَضَى سَعْدٌ وَعَسْكَرَ بِجَيْشِهِ فِي "الْقَادِسِيَّةِ" (٧)، وَلَمَّا كَانَ يَوْمُ


(١) أصحاب الحل والْعقد: أهْلُ الشّورى وذوو الرّأي والمكانة.
(٢) عقد له لواء الجيش: ولَّاه عليه.
(٣) يَفْصِل: يخرُج.
(٤) في ذات الله: عند الله.
(٥) فإنه الأمْرُ: أي فإنه الأمر الذي يجب إنفاذه.
(٦) الْبَدْريّ: من شهد معركة بَدْر.
(٧) الْقادِسيَّة: موضعٌ يبعد عن الكوفة خمسة عشر فرسخًا، وقعت فيها المعركة الفاصلة بين المسلمين والفرس سنة ست عشرة للهجرة وانتصر فيها المسلمون نصرًا كبيرًا لم تقم بعدها للفرس قائمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>