للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قالتْ: لا يَا رَسُولُ اللهِ.

قَالَ: (إِنَّهُ ابْنُ عَمِّي أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ، انْظُرِي إِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ وَآخِرُ مَنْ يَخْرُجُ مِنْهُ، وَلَا يُفَارِقُ بَصَرُهُ شِرَاكَ نَعْلِهِ (١)).

* * *

وَلَمَّا لَحِقَ الرَّسُولُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ بِالرَّفِيقِ الْأَعْلَى (٢) حَزِنَ عَلَيْهِ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ حُزْنَ الْأُمِّ عَلَى وَحِيدِهَا، وَبَكَاهُ بُكَاءَ الْحَبِيبِ عَلَى حَبِيبِهِ، وَرَثَاهُ بِقَصِيدَةٍ مِنْ غُرَرِ الْمَرَاثِي تَفِيضُ لَوْعَةً وَشُجُونًا، وَتَذُوبُ حَسْرَةً وَأَنِينًا … فَقَالَ:

أَرِقْتُ فَبَاتَ لَيْلِي لَا يَزُولُ … وَلَيْلُ أَخِي الْمُصِيبَةِ فِيهِ طُولُ

وَأَسْعَدَنِي (٣) الْبُكَاءُ وَذَاكَ فِيمَا … أُصِيبَ الْمُسْلِمُونَ بِهِ قَلِيلُ

لَقَدْ عَظُمَتْ مُصِيبَتُنَا وَجَلَّتْ … عَشِيَّةَ قِيلَ قَدْ قُبِضَ الرَّسُولُ

وَأَضْحَتْ أَرْضُنَا مِمَّا عَرَاهَا (٤) … تَكَادُ بِهَا جَوَانِبُهَا تَمِيلُ

فَقَدْنَا الْوَحْيَ وَالتَّنْزِيلَ فِينَا … يَرُوحُ بِهِ وَيَغْدُو جِبْرَئِيلُ

وَذَاكَ أَحَقُّ مَا سَالَتْ عَلَيْهِ … نُفُوسُ النَّاسِ أَوْ كَرِبَتْ (٥) تَسِيلُ

نَبِيٌّ كَانَ يَجْلُو الشَّكُ عَنَّا … بِمَا يُوحَى إِلَيْهِ وَمَا يَقُولُ

وَيَهْدِينَا فَلَا نَخْشَى ضَلَالًا … عَلَيْنَا وَالرَّسُولُ لَنَا دَلِيلُ

أَفَاطِمُ إِنْ جَزِعْتِ فَذَاكَ عُذْرٌ … وَإِنْ لَمْ تَجْزَعِي ذَاكَ السَّبِيلُ


(١) شراك نعله: سير نعله.
(٢) لحق بالرّفيق الأعلى: تُوفي ولحق بربِّه.
(٣) أسعدني: أعانني على احتمال المصيبة.
(٤) عراها: أصابها.
(٥) كربت: قاربت.

<<  <  ج: ص:  >  >>