للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَلَمَّا أُذِنَ لِلرَّسُولِ وَأَصْحَابِهِ بِالْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ كَانَ فِي طَلِيعَةِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ هَاجَرُوا للهِ وَرَسُولِهِ.

وَلَمَّا أَخَذَ الرَّسُولُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ يُؤَاخِي بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ آخَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيِّ (١) ، فَقَالَ سَعْدٌ لِأَخِيهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَيْ أُخَيَّ … أَنَا أَكْثَرُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَالًا، وَعِنْدِي بُسْتَانَانِ، وَلِي امْرَأَتَانِ؛ فَانْظُرْ أَيُّ بُسْتَانَيَّ أَحَبُّ إِلَيْكَ حَتَّى أَخْرُجَ لَكَ عَنْهُ، وَأَيُّ امْرَأَتَيَّ أَرْضَى عِنْدَكَ حَتَّى أُطَلِّقَهَا لَكَ.

فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لِأَخِيهِ الْأَنْصَارِيِّ: بَارَكَ اللهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ …

وَلَكِنْ دُلَّنِي عَلَى السُّوقِ …

فَدَلَّهُ عَلَيْهِ فَجَعَلَ يَتَّجِرُ، وَطَفِقَ يَشْتَرِي وَيَبِيعُ، وَيَرْبَحُ وَيَدَّخِرُ.

وَمَا هُوَ إِلَّا قَلِيلٌ حَتَّى اجْتَمَعَ لَدَيْهِ مَهْرُ امْرَأَةٍ فَتَزَوَّجَ، وَجَاءَ الرَّسُولَ وَعَلَيْهِ طِيبٌ …

فَقَالَ لَهُ الرَّسُولُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ: (مَهْيَمْ (٢) يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ).

فَقَالَ: تَزَوَّجْتُ …

فَقَالَ: (وَمَا أَعْطَيْتَ زَوْجَتَكَ مِنَ الْمَهْرِ؟!).

قَالَ: وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ …

قَالَ : (أَوْلِمْ (٣)، وَلَوْ بِشَاةٍ، بَارَكَ اللهُ لَكَ فِي مَالِكَ) …

قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَأَقْبَلَتِ الدُّنْيَا عَلَيَّ حَتَّى رَأَيْتُنِي لَوْ رَفَعْتُ حَجَرًا


(١) هو سَعْدُ بْن الرَّبيعِ بن عمرو بن أبي زهير بن مالك الأَنْصَارِي الخزرجي صحابي جليل، أحدُ النقباء، استشهد في يوم أُحُد.
(٢) مَهْيَمْ: كَلِمَةٌ يَمَانِيةٌ تُفِيدُ الاستفسار والتَّعَجُّب.
(٣) أولم: اصنع وليمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>