للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَأَخَذَ الصَّحَابَةُ يُنَقِّلُونَ أَبْصَارَهُمْ بَيْنَ الْجُلَاسِ وَفَتَاهُ عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ كَأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَقْرَؤُوا عَلَى صَفْحَتَيْ وَجْهَيْهِمَا (١) مَا يُكنُّهُ (٢) صَدْرَاهُمَا.

وجَعَلُوا يَتَهَامَسُونَ … فَقَالَ وَاحِدٌ مِنَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ (٣): فَتًى عَاقٌّ أَبَى إِلَّا أَنْ يُسِيءَ لِمَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهِ.

وَقَالَ آخَرُ: بَلْ إِنَّهُ غُلَامٌ نَشَأَ فِي طَاعَةِ اللهِ، وَإِنَّ قَسَمَاتِ (٤) وَجْهِهِ لَتَنْطِقُ بِصِدْقِهِ.

وَالْتَفَتَ الرَّسُولُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ إِلَى عُمَيْرٍ فَرَأَى وَجْهَهُ قَدِ احْتَقَنَ (٥) بِالدَّم، وَالدُّمُوعُ تَتَحَدَّرُ مِدْرَارًا مِنْ عَيْنَيْهِ؛ فَتَتَسَاقَطُ عَلَى خَدَّيْهِ وَصَدْرِهِ وَهُوَ يَقُولُ:

اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَى نَبِيِّكَ بَيَانَ مَا تَكَلَّمْتُ بِهِ …

اللَّهُمَّ أُنْزِلْ عَلَى نَبِيِّكَ بَيَانَ مَا تَكَلَّمْتُ بِهِ …

فَانْبَرَى (٦) الْجُلَاسُ وَقَالَ: إِنَّ مَا ذَكَرْتُهُ لَكَ يَا رَسُولَ اللهِ هُوَ الْحَقُّ، وَإِنْ شِئْتَ تَحَالَفْنَا (٧) بَيْنَ يَدَيْكَ.

وَإِنِّي أَحْلِفُ بِاللهِ أَنِّي مَا قُلْتُ شَيْئًا مِمَّا نَقَلَهُ لَكَ عُمَيْرٌ.

فَمَا إِنِ انْتَهَى مِنْ حَلْفِهِ وَأَخَذَتْ عُيُونُ النَّاسِ تَنْتَقِلُ عَنْهُ إِلَى عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ حَتَّى غَشِيَتْ (٨) رَسُولَ اللهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ السَّكِينَةُ، فَعَرَفَ الصَّحَابَةُ أَنَّهُ


(١) صَفْحَة الوجه: ما يبدو منه للناظر.
(٢) يكنه صدراهما: يخفيه صدراهما.
(٣) في قلوبهم مرض: في قلوبهم شبْهَةُ نفاق.
(٤) قسمات وجهه: ملامح وجهه.
(٥) احتقن بالدَّم: تجمع الدَّم فيه.
(٦) انبرى: برَزَ واندفع.
(٧) تحالفنا: حَلَف كل منا عَلَى صحة كلامه.
(٨) غشيته السكينة: نزلت عَلَيْهِ وغطَّته.

<<  <  ج: ص:  >  >>