للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

مَرْوَانُ أُنَاسًا يُكَلِّمُونَهُ فِي ذَلِكَ، فَصَعُبَ الأَمْرُ عَلَى صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ وَقَالَ:

يَرَوْنَنِي أَظْلِمُهَا!! كَيْفَ أَظْلِمُهَا؟! وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: (مَنْ ظَلَمَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ طُوِّقَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْع أَرْضِينَ) … اللَّهُمَّ إِنَّهَا قَدْ زَعَمَتْ أَنِّي ظَلَمْتُهَا، فَإِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً، فَأَعْمِ بَصَرَهَا، وَأَلْقِهَا فِي بِئْرِهَا الَّذِي تُنَازِعُنِي فِيهِ، وَأَظْهِرْ مِنْ حَقِّي نُورًا يُبَيِّنُ لِلْمُسْلِمِينَ أَنِّي لَمْ أَظْلِمْهَا.

* * *

لَمْ يَمْضِ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ قَلِيلٍ، حَتَّى سَالَ "الْعَقِيقُ" (١) بِسَيْلٍ لَمْ يَسِلْ مِثْلَهُ قَطُّ، فَكَشَفَ عَنِ الْحَدِّ الَّذِي كَانَا يَخْتَلِفَانِ فِيهِ، وَظَهَرَ لِلْمُسْلِمِينَ أَنَّ سَعِيدًا كَانَ صَادِقًا.

وَلَمْ تَلْبَثِ الْمَرْأَةُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا شَهْرًا حَتَّى عَمِيَتْ، وَبَيْنَا (٢) هِيَ تَطُوفُ فِي أَرْضِهَا تِلْكَ، سَقَطَتْ فِي بِئْرِهَا. قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ:

فَكُنَّا وَنَحْنُ غِلْمَانٌ نَسْمَعُ الْإِنْسَانَ يَقُولُ لِلْإِنْسَانِ:

"أَعْمَاكَ اللهُ كَمَا أَعْمَى الْأَرْوَى".

وَلَا عَجَبَ فِي ذَلِكَ، فَالرَّسُولُ يَقُولُ:

(اتَّقُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ).

فَكَيْفَ إِذَا كَانَ الْمَظْلُومُ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ، أَحَدَ الْعَشَرَةِ الْمُبَشِّرِينَ بالْجَنَّةِ؟! (*).


(١) العقيق: وادٍ في المدينة يجري فيه السَّيْلُ.
(٢) بينا: عندما.
(*) للاستزادة من أخبار سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ انظر:
١ - الإصابة: ٢/ ٤٦ أو "الترجمة" ٣٢٦١.
٢ - الاستيعاب "بهامش الإصابة": ٢/ ٢.
٣ - طبقات ابن سعد: ٣/ ٢٧٥.
٤ - تهذيب ابن عساكر: ٦/ ١٢٧.
٥ - صِفَةُ الصفوة: ١/ ١٤١.
٦ - حلية الأولياء: ١/ ٩٥.
٧ - الرياض النضرة: ٢/ ٣٠٢.
٨ - حياة الصّحابة: "انظر فهارس الجزء الرابع".

<<  <  ج: ص:  >  >>