للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ثُمَّ قَالَ لِأُسَامَةَ:

أَسْتَوْدِعُ الله دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ، وَأُوصِيكَ بِإِنْفَاذِ مَا أَمَرَكَ بِهِ رَسُولُ اللهِ ، ثُمَّ مَالَ عَلَيْهِ وَقَالَ:

إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُعِينَنِي بِعُمَرَ فَائْذَنْ لَهُ بِالْبَقَاءِ مَعِي، فَأَذِنَ أُسَامَةُ لِعُمَرَ بِالْبَقَاءِ.

* * *

مَضَى أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ بِالْجَيْشِ، وَأَنْفَذَ كُلَّ مَا أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللهِ ، فَأَوْطَأَ خَيْلَ الْمُسْلِمِينَ تُخُومَ "الْبَلْقَاءِ" وَ "قَلْعَةَ الدَّارُوم" مِنْ أَرْضِ "فِلَسْطِينَ"، وَنَزَعَ هَيْبَةَ الرُّومِ مِنْ قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَهَّدَ الطَّرِيقَ أَمَامَهُمْ لِفَتْحِ دِيَارِ الشَّامِ، وَمِصْرَ، وَالشِّمَالِ الْإِفْرِيقِيِّ كُلِّهِ حَتَّى بَحْرِ الظُّلُمَاتِ …

ثُمَّ عَادَ أُسَامَةُ مُمْتَطِيًا صَهْوَةَ (١) الْجَوَادِ الَّذِي اسْتُشْهِدَ عَلَيْهِ أَبُوهُ، حَامِلًا مِنَ الْغَنَائِمِ مَا زَادَ عَنْ تَقْدِيرِ الْمُقَدِّرِينَ، حَتَّى قِيلَ:

"إِنَّهُ مَا رُئِيَ جَيْشٌ أَسْلَمُ وَأَغْنَمُ مِنْ جَيْشِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ".

* * *

ظَلَّ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ - مَا امْتَدَّتْ بِهِ الْحَيَاةُ - مَوْضِعَ إِجْلَالِ الْمُسْلِمِينَ وَحُبِّهِمْ، وَفَاءً لِرَسُولِ اللهِ ، وَإِجْلَالًا لِشَخْصِهِ.

فَقَدْ فَرَضَ لَهُ الْفَارُوقُ عَطَاءً (٢) أَكْثَرَ مِمَّا فَرَضَهُ لابْنِهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ لِأَبِيهِ:

"يَا أَبَتِ، فَرَضْتَ لِأُسَامَةَ أَرْبَعَةَ آلَافٍ وَفَرَضْتَ لِي ثَلَاثَةَ آلَافٍ، وَمَا كَانَ لِأَبِيهِ مِنَ الْفَضْلِ أَكْثَرُ مِمَّا كَانَ لَكَ، وَلَيْسَ لَهُ مِنَ الْفَضْلِ أَكْثَرُ مِمَّا لِي".


(١) صهوة الجواد: مكان قعود الفارس على الجواد.
(٢) عطاء: مرتبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>