للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فَدَفَعُوهَا فَلَمْ تَنْدَفِعْ، فَتَزَلُوا عَنْ ظُهُورِهَا لِيَعْرِفُوا الْخَبَرَ فَوَجَدُوا فِي حَوَافِرِ الْخَيْلِ شَظَايَا مِنَ الْحَدِيدِ تُشْبِهُ رُؤُوسَ الْمَسَامِيرِ، فَنَظَرُوا فِي الْأَرْضِ فَإِذَا الْعَجَمُ قَدْ نَثَرُوا فِي الدُّرُوبِ الْمُؤَدِّيَةِ إِلَى "نَهَاوَنْدَ" حَسَكَ الْحَدِيدِ؛ لِيَعُوقُوا الْفُرْسَانَ وَالْمُشَاةَ عَنِ الْوُصُولِ إِلَيْهَا.

* * *

أَخْبَرَ الْفُرْسَانُ النُّعْمَانَ بِمَا رَأَوْا، وَطَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يُمِدَّهُمْ بِرَأْيِهِ، فَأَمَرَهُمْ بِأَنْ يَقِفُوا فِي أَمَاكِنِهِمْ، وَأَنْ يُوقِدُوا النِّيرَانَ فِي اللَّيْلِ لِيَرَاهُمُ الْعَدُوُّ، وَعِنْدَ ذَلِكَ يَتَظَاهَرُونَ بِالْخَوْفِ مِنْهُ وَالْهَزِيمَةِ أَمَامَهُ لِيُغْرُوهُ بِاللَّحَاقِ بِهِمْ، وَإِزَالَةِ مَا زَرَعَهُ مِنْ حَسَكِ الْحَدِيدِ.

وَجَازَتِ الْحِيلَةُ عَلَى الْفُرْسِ، فَمَا إِنْ رَأَوْا طَلِيعَةَ جَيْشِ الْمُسْلِمِينَ تَمْضِي مُنْهَزِمَةً أَمَامَهُمْ حَتَّى أَرْسَلُوا عُمَّالَهُمْ، فَكَنَسُوا الطُّرُقَ مِنَ الْحَسَكِ، فَكَرَّ عَلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ وَاحْتَلُّوا تِلْكَ الدُّرُوبَ.

* * *

عَسْكَرَ النُّعْمَانُ بْنُ مُقَرِّنٍ بِجَيْشِهِ عَلَى مَشَارِفِ "نَهَاوَنْدَ" وَعَزَمَ عَلَى أَنْ يُبَاغِتَ (١) عَدُوَّهُ بِالْهُجُومِ، فَقَالَ لِجُنُودِهِ:

إِنِّي مُكَبِّرٌ ثَلَاثًا، فَإِذَا كَبَّرْتُ الْأُولَى فَلْيَتَهَيَّأْ مَنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ تَهَيَّأَ، وَإِذَا كَبَّرْتُ الثَّانِيَةَ فَلْيَشْدُدْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ سِلَاحَهُ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِذَا كَبَّرْتُ الثَّالِثَةَ، فَإِنِّي حَامِلٌ عَلَى أَعْدَاءِ اللَّهِ فَاحْمِلُوا مَعِي.

* * *

كَبَّرَ النُّعْمَانُ بْنُ مُقَرِّنٍ تَكْبِيرَاتِهِ الثَّلَاثَ، وَانْدَفَعَ فِي صُفُوفِ الْعَدُوِّ كَأَنَّهُ


(١) يباغت عدوه: يفاجئه.

<<  <  ج: ص:  >  >>