للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَشَوَى لِلشَّيْخِ مِنْهَا، وَأَطْعَمَهُ بِيَدَيْهِ حَتَّى إِذَا شَبِعَ جَعَلَ يَأْكُلُ هُوَ وَعَبْدَاهُ.

وَمَا هُوَ إِلَّا قَلِيلٌ حَتَّى أَخَذَ الْجَمِيعُ مَضَاجِعَهُمْ، وَنَامُوا نَوْمًا عَمِيقًا لَهُ غَطِيطٌ (١).

عِنْدَ ذَلِكَ تَوَجَّهْتُ إِلَى الْفَحْلِ فَحَلَلْتُ عِقَالَهُ وَرَكِبْتُهُ، فَانْدَفَعَ، وَتَبِعَتْهُ الْإِبِلُ، وَمَشَيْتُ لَيْلَتِي. فَلَمَّا أَسْفَرَ النَّهَارُ نَظَرْتُ فِي كُلِّ جِهَةٍ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا يَتْبَعُنِي، فَانْدَفَعْتُ فِي السَّيْرِ حَتَّى تَعَالَى النَّهَارُ.

ثُمَّ الْتَفَتُّ الْتِفَاتَةً فَإِذَا أَنَا بِشَيْءٍ كَأَنَّهُ نَسْرٌ أَوْ طَائِرٌ كَبِيرٌ، فَمَا زَالَ يَدْنُو مِنِّي حَتَّى تَبَيَّنْتُهُ فَإِذَا هُوَ فَارِسٌ عَلَى فَرَسٍ، ثُمَّ مَا زَالَ يُقْبِلُ عَلَيَّ حَتَّى عَرَفْتُ أَنَّهُ صَاحِبِي جَاءَ يَنْشُدُ (٢) إِبِلَهُ.

عِنْدَ ذَلِكَ عَقَلْتُ الْفَحْلَ (٣)، وَأَخْرَجْتُ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِي (٤) وَوَضَعْتُهُ فِي قَوْسِي، وَجَعَلْتُ الْإِبِلَ خَلْفِي، فَوَقَفَ الْفَارِسُ بَعِيدًا، وَقَالَ لِي: احْلُلْ عِقَالَ الْفَحْلِ … فَقُلْتُ: كَلَّا …

لَقَدْ تَرَكْتُ وَرَائِي نِسْوَةً جَائِعَاتِ "بِالْحِيرَةِ" وَأَقْسَمْتُ أَلَّا أَرْجِعَ إِلَيْهِنَّ إِلَّا وَمَعِي مَالٌ أَوْ أَمُوتَ.

قَالَ: إِنَّكَ مَيِّتٌ … احْلُلْ عِقَالَ الْفَحْلِ - لَا أَبَا لَكَ (٥) -.

فَقُلْتُ: لَنْ أَحُلَّهُ …

فَقَالَ: وَيْحَكَ (٦)، إِنَّكَ لَمَغْرُورٌ …


(١) الغطيط: صوت النّائم وشخيره.
(٢) ينشد إبله: يبحث عنها ويطلبها.
(٣) عقلت الفَحْلَ: ربطت الْجَمَل.
(٤) الكنانة: الجعبة التي توضع فيها السّهام.
(٥) لا أبا لك: كلمة تقال في الشّتم وفي المدح، والمراد بها هنا الشّتم.
(٦) ويحك: الويح الهلاك.

<<  <  ج: ص:  >  >>