وها قد أصبحت هذه المدارس اليوم ولها معامل كيماوية ومراصد فلكية وخزائن كتب ورقي فيها تعليم الآداب الانكليزية واللغتين الافرنسية والألمانية وعدلت فيها الكتب وصرفت العناية إلى تعليم العلوم ومنها علم التربية وأصبح تعليم الموسيقى من المواد المهمة في التدريس وطلبة هذه المدارس يدخلون في مسائل اجتماعية مهمة من مثيل معاونتهم للفقراء والأخذ بناصر الضعفاء في الأحياء الفقيرة من المدن الكبرى ويتعلمون التعليم الوطني أو واجبات الوطني في المدارس المهمة ومعظم كبار الطلاب يتعلمون التعليم العسكري ليستعدوا به إلى نيل رتب الضباط في الجيش البري وكثير منهم يتعلم صناعة يدوية كالنجارة مثلاً، كل هذا والغرض اليوم من هذه المدارس لم يفت القائمين بها وهي أن تربي الأخلاق وترقي المدارك ولكنها لم تبلغ في الأمر الثاني درجة عالية وذلك ناشئ من تأخر نمو العقل في أبناء الانكليز فيظن الأساتذة أن عقول طلابهم كسلانة لا تعمل وقد قال أميرسون الفيلسوف الأميركاني: إن التربية هي ما يبقى في أطوارنا وعقولنا عندما ننسى ما علمتنا المدرسة إياه وقال الأستاذ سدلر: تشتد القوة الحيوية في التربية إلى قوة الثقة بالنفس والإخلاص في المعتقد فإذا لم يكن للمربي رسالة يريد تلقينها لعقل من يربيه وإبلاغها لروحه يتعذر وصوله إلى وضع أسس الشخصية الأدبية وهي المصادر التي هي أحسن ما في الحياة الشخصية والحياة الوطنية، فمبدأ التربية أيضاً منبعث من هذه الرسالة الروحية التي يبلغها الأستاذ وبدونها تضمحل قوتها الحيوية.
هذا ما عربناه من كلام الأستاذ الانكليزي وقد أمل لهذه المدارس نجاحاً أوكد في هذه الخمسين سنة التالية لما يعتورها من الإصلاح التدريجي فماذا يقول ابن هذه البلاد عندما يذكر ما يكتبه عنا علماء التربية والاجتماع فقد قال أحد الألمان ممن قضوا عشرين سنة في العراق أن الأمة العربية تموت الموت التدريجي لفساد طريقة التعليم فيها فاللهم قبض لمدارسنا الأهلية والرسمية والدينية من يصلحها الإصلاح الحقيقي ويعوضها من أصول التعليم المطول الممل بأصول حديثة ترقي الخلق والعقل ومن الخطط (البرنامج) المطولة التي هي طلاء ظاهر بخطط مختصرة ظاهرها كباطنها.
التربية في سويسرا
نشر الأستاذ ستودر الانكليزي مبحثاً له في التربية السويسرية وإذ كان ممن تربوا في