اللاتينية في خلال القرون اللاحقة في جميع غربي أوروبا لغة المستنيرين من الناس وفي القرون الوسطى جعلت الكنيسة وكانت إذ ذاك القوة المريبة الوحيدة في أوروبا اللغة اللاتينية لغة عامة، وعلى عهد النهضة انتشرت الآداب واللغات الأولى انتشاراً عظيماً في إيطاليا ثم تلتها حركة الإصلاح المهمة في مدارس ألمانيا بقيام ستورم وملانكتون وكان يدافع عن اللغات الأصلية دعاة متحمسون لا مثل ايراسم فقط من رجال الأدب بل مثل لوثيروس من رجال الإصلاح الديني فإن هذا دعا رؤساء الحكام في جميع مدن ألمانيا إلى تأسيس مدارس تدرس تلك اللغات القديمة حتى قال بعضهم: يجب علينا أن نرتبط بحب اللغات ارتباطاً رائده الثبات كما ارتبطنا عن رضى بالانجيل فإنا إذا لم نحتفظ باللغات لن نحتفظ بالانجيل ولقد أثرت بانكلترا مثل هذه العوامل فكانت بعد عهد الاصلاح تعد اللغة اللاتينية لغة الكنيسة ولغة من تطمح نفسه إلى المناصب الرسمية وظلت اللاتينية لغة العلم والسياسة إلى سنة ١٦٦٠ ولكن مدارس الشعب لم ترجع عن طريقتها في التعليم إلا بعد أن قامت ألمانيا وفرنسا وعنيت بإصلاح التعليم العالي لما له من الشأن في تكوين الوطنية وهذا لم يتم إلا في أوائل منتصف القرن الماضي وإلى ذاك العهد كان تلامذة تلك المدارس يكتبون باللغةاللاتينة وينظمون بها ولا يدرسون الافرنسية إلا قليلاً أما الألمانية فكانوا يجهلونها كما يجهلون العربية وكانوا يعنون عناية خاصة بتلقين مبادئ الرياضيات ولا سيما الهندسة الوصفية وكان الأساتذة يجيدون في تعلم اللاتينية واليونانية والعلوم الرياضية وهم شيوخ يدرسون هذه المواد منذ أربعين سنة أكثر من المحدثين لأن خواتيم من يمارسونها أحسن من مباديها والحال ليس كذلك في مدرسي التاريخ والأدب والعلوم والاقتصاد السياسي فإن هذه الموضوعات تضعف كلما قيلت وتنوقلت فأدرك رجال العلم إذ ذاك أن هذه المواد لا تنبه ذهن التلاميذ ولا تلتئم مع مصلحتهم لأن ليس فيها نفع عام.
دام ذلك حتى أخذت بعض الكليات بعد سنة ١٨٦٧ تنفق من حسابها لتعليم بعض التلامذة فعندها اضطرت معظم مدارس الشعب إلى تقسيم تعليمها فمن التلامذة من اختاروا طريقة التعليم الحديثة بدون تعلم اليونانية وتعمقوا باللغة الافرنسية والألمانية والتاريخ وأصبحت مواد كثيرة اختيارية لمن يريد أن يتعلمها ومنهم من أخذ يميل إلى الاخصاء أي التخصص بعلم واحد ولا سيما في المدارس المهمة.