المبغي بذلك منه الاحتياط للموعى وعليه وجوازه بما يعطر نشره فلا يعتر جوهره كما قد عد من المعاني الفاخرة ما قد نمقوه وزخرفوه ووشوه ودبجوه ولسنا نجد مع ذلك تحته معنى شريفاً بل لا نجده قصداً ولا مقارباً ألا ترى إلى قوله رحمه الله:
ولما قضينا من منى كل حاجة ... ومسح بالأركان ما هو ماسح
وقد ترى إلى علو هذا اللفظ وما به وصقاله وتلامح أنحائه ومعناه مع هذا ما تحته وتراه إنما هو لما فرغنا من الحج ركبنا الطريق راجعين وتحدثنا على ظهور الإبل ولهذا نظائر كثيرة شريفة الألفاظ رفيعتها مشروفة المعاني خفيضتها قيل هذا الموضوع قد سبق إلى التعليق به من لم ينعم النظر فيه ولا رأى ما رآه القوم منه وإنما ذلك لجفاءِ طبع الناظر وخفاءِ غرض الناطق ثم أفاض في بيان معاني البيتين.
وقال في باب إرادة العرب للأغراض التي نسبها إليهم حدثني المتنبي شاعرنا وما عرفته إلا صادقاً قال كنت عند منصرفي في مصر في جماعة من العرب وأحدهم يتحدث فذكر في كلامه فلاة واسعة فقال يحير فيها الطرف قال آخر منهم بلغته سراً من الجماعة بينه وبينه فيقول يحار يحار أفلا ترى إلى هداية بعضهم إلى بعض وتنبيهه إياه على الصواب.