للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

البارثيين الذين داهموا بلاد الإمبراطورية فلم يرد الجند أن يبتعدوا عن بلادهم إلى مثل تلك القاصية وأبوا أن يقاتلوا ثم أخذوا جولين ورفعوه على ترس (وكان هذا الأسلوب هو الذي يجري عليه المحاربون الجرمانيون في مبايعة ملوكهم) وحملوه وهم ينادون جولين أغسطس.

فكتب جولين إلى الإمبراطور يريده على أن يرتضيه رصيفاً له فأبى قسطنطين عليه ذلك فزحف جولين في جيشه على القسطنطينية وكان قسطنطين قد قضى نحبه قبل وصوله.

ولما خلا الجو لجولين وأصبح إمبراطور وحده أقام في الشرق وحاول أن يعيد الدين القديم (الوثنية) فأرجع إلى الكهنة أملاكهم ومناصبهم وأعاد تقديم النذور الأرباب بل أصدر أمره إلى المسيحيين بأن يرجعوا المعابد التي كانوا حولوها إلى كنائس.

وأنشأ يناهض النصرانية مباشرة وأبى أن يعين بعض المسيحيين في الوظائف وطرد المعلمين المسيحيين من المدارس قائلاً أنه لا يحق لهم أن يدرسوا كتباً يذكر فيها اسم الأرباب وهم لا يعتقدون فيها. وسعى إلى إعادة الدين القديم إلى حاله بأن عهد إلى الكهنة أن يقرؤوا على العامة مواعظ ودروس دينية إلا أن الزمن خانه فسافر في حملة على البارثيين وغلبهم وأصيب بسهم في إحدى المعارك. وقيل انه صرخ وهو يجود بنفسه (لقد غلبت يا غاليي).

القضاء على الوثنية ـ لم يقض على دين السوقة القديم لأول مرة فقد اهتدى الشرق في الحال أما في الغرب لم يبقى مسيحيين إلا في المدن بل أن الأمة ظلت هنا تعبد الأصنام وذلك لأن الإمبراطورة الأولى المسيحيين لم يريدوا أن يقضوا القضاء الأخير على دين المملكة القديم بل كانوا يحمون القسيسين المسيحيين كما يحمون كهنة الأرباب يرأسون المجامع الدينية ويبقون أحباراً عظاماً.

وكان الإمبراطور فراسين سنة ٣٨٤ أول من أبى بأن يلقب بالحبر الأعظم وإذ عم التسامح في ذاك القرن بدئ باضطهاد الدين الروماني منذ غدا غير رسمي.

وأطفئ الموقد المقدس الذي كان يشتعل في رومية منذ أحد عشر قرناً وطردت الكاهنات اللاتي كن في معبد فستا يوقدون النار كلما خمدت. واحتفل أخر مرة بالألعاب الأولمبية في بلاد اليونان سنة ٣٩٤ وعندئذ خرج النساك في مصر من الصحراء لينقضوا مذبح