للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنما كان فى شهر ربيع على الصحيح ولم يكن فى المحرم، ولا فى رجب، ولا فى رمضان، ولا فى غيرها من الأشهر ذوات الشرف، لأنه عليه السّلام- لا يتشرف بالزمان، وإنما الزمان يتشرف به كالأماكن، فلو ولد فى شهر من الشهور المذكورة، لتوهم أنه تشرف بها، فجعل الله تعالى مولده صلى الله عليه وسلم- فى غيرها ليظهر عنايته به وكرامته عليه.

وإذا كان يوم الجمعة الذى خلق فيه آدم- عليه السّلام- خص بساعة لا يصادفها عبد مسلم يسأل الله فيها خيرا إلا أعطاه إياه، فما بالك بالساعة التى ولد فيها سيد المرسلين.

ولم يجعل الله تعالى في يوم الاثنين- يوم مولده- صلى الله عليه وسلم- من التكليف بالعبادات ما جعل فى يوم الجمعة- المخلوق فيه آدم- من الجمعة والخطبة وغير ذلك، إكراما لنبيه- صلى الله عليه وسلم- بالتخفيف عن أمته، بسبب عناية وجوده قال تعالى: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ «١» ، ومن جملة ذلك: عدم التكليف.

واختلف أيضا فى الوقت الذى ولد فيه.

والمشهور أنه يوم الاثنين. فعن. أبى قتادة الأنصارى: أنه- صلى الله عليه وسلم- سئل عن صيام يوم الاثنين فقال: «ذاك يوم ولدت فيه، وأنزلت على فيه النبوة» «٢» رواه مسلم، وهذا يدل على أنه- صلى الله عليه وسلم- ولد نهارا.

وفى المسند، عن ابن عباس قال: ولد- صلى الله عليه وسلم- يوم الاثنين، واستنبىء يوم الاثنين، وخرج مهاجرا من مكة إلى المدينة يوم الاثنين، ودخل المدينة يوم الاثنين،. ورفع الحجر يوم الاثنين «٣» . انتهى.

وكذا فتح مكة ونزول سورة المائدة يوم الاثنين.


(١) سورة الأنبياء: ١٠٧.
(٢) صحيح: أخرجه مسلم (١١٦٢) فى الصيام، باب: استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر.
(٣) أخرجه أحمد فى «مسنده» (١/ ٢٧٧) ، والطبرانى فى «الكبير» (١١/ ٨٥) مختصرا.