للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ «١» . وفى الحديث «البذاذة من الإيمان» «٢» وقد ذم الله المسرفين، والسرف كما يكون فى الطعام والشراب يكون فى اللباس.

وفصل النزاع أن يقال: الجمال فى الصورة واللباس والهيئة ثلاثة أنواع:

منه ما يحمد، ومنه ما يذم، ومنه ما لا يتعلق به مدح ولا ذم.

فالمحمود منه، ما كان لله وأعان على طاعة الله، وتنفيذ أوامره، والاستجابة له، كما كان النبى- صلى الله عليه وسلم- يتجمل للوفود، وهو نظير لباس آلة الحرب للقتال، ولباس الحرير فى الحرب والخيلاء فيه، فإن ذلك محمود إذا تضمن إعلاء كلمة الله ونصر دينه وغيظ عدوه.

والمذموم منه: ما كان للدنيا والرياسة والفخر والخيلاء، وأن يكون من هو غاية العبد وأقصى مطلبه، فإن كثيرا من الناس ليس له همة فى سوى ذلك.

وأما ما لا يحمد ولا يذم فهو ما خلا عن هذين القصدين، وتجرد عن الوصفين. والمقصود من هذا الحديث أن الله تعالى يحب من عبده أن يجمل لسانه بالصدق وقلبه بالإخلاص والمحبة والإنابة، وجوارحه بالطاعة، وبدنه بإظهار نعمه عليه فى لباسه وتطهيره له من الأنجاس والأحداث والشعور المكروهة، والختان وتقليم الأظافر وغير ذلك مما وردت به السنة، والله أعلم.

وعن جابر بن سمرة قال: رأيت النبى- صلى الله عليه وسلم- فى ليلة مقمرة أضحيان، فجعلت أنظر إليه- صلى الله عليه وسلم- وإلى القمر، وعليه حلة حمراء، فإذا هو أحسن عندى من القمر «٣» . رواه الدارمى والترمذى: وعن عون بن أبى جحيفة عن


(١) سورة طه: ١٣١.
(٢) صحيح: أخرجه أبو داود (٤١٦١) فى الترجل، باب: رقم (١) ، وابن ماجه (٤١١٨) فى الزهد، باب: من لا يؤبه له، والحاكم فى «المستدرك» (١/ ٥١) ، من حديث أبى أمامة- رضى الله عنه-، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح الجامع» (٢٨٧٩) .
(٣) صحيح: وقد تقدم.