للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعجمة والدال المهملة- هى الذوائب، واحدتها غديرة. وفى مسلم عن أنس، كان فى لحيته- صلى الله عليه وسلم- شعرات بيض «١» . وفى رواية عنده: لم ير من الشيب إلا قليلا، وفى أخرى له أيضا: لو شئت أن أعد شمطات كن فى رأسه ولم يخضب. وعنده أيضا: لم يخضب- صلى الله عليه وسلم- إنما كان البياض فى عنفقته وفى الصدغين وفى الرأس نبذ- بضم النون وفتح الباء الموحدة، وبفتح النون وإسكان الموحدة- أى شعرات متفرقة. وفى رواية أخرى: ما شانه الله ببيضاء.

قال الشيخ عبد الجليل فى شعب الإيمان، فيما حكاه عنه الفاكهانى: إنما كان كذلك لأن النساء يكرهن الشيب غالبا، ومن كره من النبى- صلى الله عليه وسلم- شيئا كفر. وقال فى النهاية: قد تكرر فى الحديث جعل الشيب هاهنا عيبا وليس بعيب، فإنه قد جاء فى الحديث: أنه وقار وأنه نور، والشيب ممدوح، وذلك عجيب منه لا سيما فى حق النبى- صلى الله عليه وسلم-. ويمكن الجمع بينهما: ووجه الجمع أنه- صلى الله عليه وسلم- لما رأى أبا قحافة ورأسه كالثغامة «٢» أمرهم بتغييره وكرهه، ولذلك قال: «غيروا الشيب» «٣» ، فلما علم أنس ذلك من عادته قال: ما شانه الله ببيضاء بناء على هذا القول وحملا له على هذا الرأى. ولم يسمع الحديث الآخر، ولعل أحدهما ناسخ للآخر انتهى. وفى رواية أبى جحيفة عنده، رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهذه منه بيضاء. ووضع الراوى بعض أصابعه على عنفقته. وفى حديث أنس عند البيهقى: ما شانه الله بالشيب، ما كان فى رأسه ولحيته إلا سبع عشرة أو ثمان عشرة يعنى شعرة بيضاء. وعن أبى جحيفة كان أبيض قد شمط «٤» . ورواه البخارى. وفى الصحيحين: أن


(١) صحيح: أخرجه مسلم (٢٣٤١) فى الفضائل، باب: شيبه- صلى الله عليه وسلم-.
(٢) الثغامة: نبت أبيض الزهر والثمر يشبه به الشيب، وقيل: هى شجرة تبيض كأنها الثلج.
(٣) صحيح: والخبر أخرجه مسلم (٢١٠٢) فى اللباس والزينة، باب: استحباب خضاب الشيب بصفرة، أو حمرة وتحريمه بالسواد، من حديث جابر- رضى الله عنه-.
(٤) صحيح: أخرجه البخارى (٣٠٤٤) فى المناقب، باب: صفة النبى- صلى الله عليه وسلم-.