للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بيضاء منيرة، فعجنت بماء التسنيم فى معين أنهار الجنة، حتى صارت كالدرة البيضاء، لها شعاع عظيم، ثم طافت بها الملائكة حول العرش والكرسى، وفى السماوات والأرض والجبال والبحار، فعرفت الملائكة وجميع الخلق سيدنا محمدا وفضله قبل أن تعرف آدم- عليهما السلام- «١» .

وقيل: لما خاطب الله تعالى السماء والأرض بقوله: ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ «٢» .

أجاب موضع الكعبة الشريفة. ومن السماء ما يحاذيها. وقد قال ابن عباس: أصل طينة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من سرة الأرض بمكة. فقال بعض العلماء: هذا يشعر بأن ما أجاب من الأرض إلا درة المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم-، ومن موضع الكعبة دحيت الأرض فصار رسول الله- صلى الله عليه وسلم- هو الأصل فى التكوين، والكائنات تبع له. وقيل: لذلك سمى أميّا لأن مكة أم القرى، ودرته أم الخليقة «٣» .

فإن قلت: تربة الشخص مدفنه، فكان مقتضى هذا أن يكون مدفنه عليه الصلاة والسلام- بمكة، حيث كانت تربته منها.

فقد أجاب عنه صاحب عوارف المعارف- أفاض الله علينا من عوارفه، وتعطف علينا بعواطفه- بأنه قيل: إن الماء لما تموج رمى الزبد إلى النواحى، فوقعت جوهرة النبى- صلى الله عليه وسلم- إلى ما يجاذى تربته بالمدينة، فكان- صلى الله عليه وسلم- مكيّا مدنيّا، حنينه إلى مكة وتربته بالمدينة انتهى «٤» .

وفى «المولد الشريف» لابن طغر بك «٥»

: ويروى أنه لما خلق الله تعالى


(١) قلت: راوى هذا الأثر، هو كعب الأحبار، وهو أكثر الرواية عن أهل الكتاب، ومن الواضح أن ذلك منها.
(٢) سورة فصلت: ١١.
(٣) قلت: وهذا كلام لا دليل عليه، ولا حجة فيه.
(٤) قلت: وهذا على صحة المقولة السابقة، وهى لم تصح أصلا.
(٥) هو: عمر بن أيوب بن أرسلان سيف الدين، أبو جعفر، المعروف بابن طغر بك الدمشقى التركى، توفى سنة (٦٧٠ هـ) ، وكتابه اسمه «الدر النظيم فى مولد النبى الكريم» .