للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها. وقد اقتضت حكمته تعالى: أن خلع النصر وجوائزه إنما تفاض على أهل الانكسار، ونريد أن نمن على الذين استضعفوا فى الأرض.

قال: وبهاتين الغزوتين- أعنى حنينا وبدرا- قاتلت الملائكة بأنفسها مع المسلمين، ورمى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وجوه المشركين بالحصباء فيهما. وبهاتين الغزوتين طفئت جمرة العرب لغزو رسول الله- صلى الله عليه وسلم-. انتهى «١» .

وأمر- صلى الله عليه وسلم- بطلب العدو، فانتهى بعضهم إلى الطائف، وبعضهم نحو نخلة، وقوم منهم إلى أوطاس.

واستشهد من المسلمين أربعة: منهم أيمن ابن أم أيمن.

وقتل من المشركين أكثر من سبعين قتيلا.

ثم سرية أبى عامر الأشعر، وهو عم أبى موسى الأشعرى، وقال ابن إسحاق: ابن عمه والأول أشهد.

بعثه- صلى الله عليه وسلم- حين فرغ من حنين، فى طلب الفارين من هوازن يوم حنين إلى أوطاس- وهو واد فى ديار هوازن- وكان معه سلمة بن الأكوع، فانتهى إليهم، فإذا هم ممتنعون فقتل منهم أبو عامر تسعة أخوة مبارزة بعد أن يدعو كل واحد منهم إلى الإسلام ويقول: اللهم اشهد عليه، ثم برز له العاشر فدعاه إلى الإسلام وقال اللهم اشهد عليه، فقال اللهم لا تشهد على فكف عنه أبو عامر فأفلت. ثم أسلم بعد فحسن إسلامه فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم- إذا رآه قال: هذا شريد أبى عامر.

ورمى أبا عامر ابنا الحارث- العلاء وأوفى- فقتلاه، فخلفه أبو موسى الأشعرى فقاتلهم حتى فتح الله عليه.

وكان فى السبى الشيماء- أخته- عليه الصلاة والسلام- من الرضاعة-.

وقتل قاتل أبى عامر. فقال- صلى الله عليه وسلم-: «اللهم اغفر لأبى عامر واجعله من أعلى أمتى فى الجنة» .


(١) انظره فى «زاد المعاد» لابن القيم (٣/ ٤٧٧- ٤٧٨) .