للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمة: سمعته يقول: «ما دفن نبى إلا حيث يموت» «١» . ذكره ابن ماجه والموطأ كما تقدم. وفى رواية الترمذى: «ما قبض الله نبيّا إلا فى الموضع الذى يحب أن يدفن فيه، ادفنوه فى موضع فراشه» «٢» .

ولأنهم اشتغلوا فى الخلاف الذى وقع بين المهاجرين والأنصار فى البيعة، فنظروا فيها حتى استقر الأمر فى الخلافة ونظامها، فبايعوا أبا بكر، ثم بايعوه بالغد بيعة أخرى على ملأ منهم، وكشف الله به الكربة من أهل الردة، ثم رجعوا بعد ذلك إلى النبى- صلى الله عليه وسلم-، فنظروا فى دفنه فغسلوه وكفنوه ودفنوه.

ولما قبض- صلى الله عليه وسلم- تزينت الجنان ليوم قدوم روحه الكريمة، لا كزينة المدينة يوم قدوم الملك. إذا كان عرش الرحمن قد اهتز لموت بعض أتباعه فرحا واستبشارا لقدوم روحه، فكيف بقدوم روح الأرواح.

ولما قدم- صلى الله عليه وسلم- المدينة لعبت الحبشة بحرابهم فرحا بقدومه. كما رواه أبو داود من حديث أنس، وفى رواية الدارمى قال أنس: ما رأيت يوما كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخل علينا فيه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- المدينة، وما رأيت يوما كان أقبح ولا أظلم من يوم مات فيه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «٣» .

وفى رواية الترمذى: لما كان اليوم الذى دخل فيه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- المدينة أضاء منها كل شئ، فلما كان اليوم الذى مات فيه أظلم منها كل شئ، وما نفضنا أيدينا من التراب، وإنا لفى دفنه، حتى أنكرنا قلوبنا «٤» .

ومن آياته- صلى الله عليه وسلم- ما ذكر من بعد موته، من حزن حماره عليه حتى


(١) تقدم.
(٢) تقدم.
(٣) أخرجه الدارمى (٨٨) فى المقدمة، باب: فى وفاة النبى. من حديث أنس بن مالك- رضى الله عنه-.
(٤) صحيح: أخرجه الترمذى (٣٦١٨) فى المناقب، باب: فى فضل النبى. من حديث أنس ابن مالك- رضى الله عنه-، قال الترمذى: هذا حديث حسن صحيح. والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن الترمذى» .