للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأكل رجل عنده بشماله فقال: «كل بيمينك» قال: لا أستطيع، قال:

«لا استطعت» فما رفعها إلى فيه بعد «١» . والرجل هو بسر- بضم الموحدة وسكون المهملة- ابن راعى العير، بفتح المهملة وسكون المثناة التحتية.

وطلب- صلى الله عليه وسلم- معاوية، فقيل له إنه يأكل، فقال فى الثانية: «لا أشبع الله بطنه» ، فما شبع بطنه أبدا «٢» ، رواه البيهقى من حديث ابن عباس، وكان معاوية رديفه يوما فقال: «يا معاوية، ما يلينى منك؟» قال: بطنى؟ قال:

«اللهم املأه علما وحلما» . رواه البخارى فى تاريخه. وقال لابن ثروان:

«اللهم أطل شقاءه وبقاءه» فأدرك شيخا كبيرا شقيّا يتمنى الموت.

وكم له- صلى الله عليه وسلم- من دعوات مستجابات، وقد أفرد القاضى عياض بابا فى الشفاء ذكر فيه طرفا منها، وكذا الإمام يوسف بن يعقوب الإسفراينى فى كتابه «دلائل الإعجاز» فكم أجابه الله تعالى إلى مسئوله، وأجناه من شجرة دعائه ثمرة سؤله.

وأما حديث أبى هريرة عند البخارى أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «لكل نبى دعوة مستجابة يدعو بها، وأريد أن أختبئ دعوتى شفاعة لأمتى فى الآخرة» «٣» فقد استشكل ظاهره بما ذكرته، وبما وقع لنبينا ولكثير من الأنبياء- صلى الله عليهم وسلم- من الدعوات المجابة، فإن ظاهره أن لكل نبى دعوة مجابة فقط.

وأجيب: بأن المراد بالإجابة فى الدعوة المذكورة القطع بها، وما عدا ذلك من دعواتهم فهم على رجاء الإجابة. وقيل: معنى قوله «لكل نبى


(١) صحيح: أخرجه مسلم (٢٠٢١) فى الأشربة، باب: آداب الطعام والشراب وأحكامها، من حديث سلمة بن عمرو بن الأكوع- رضى الله عنه-.
(٢) صحيح: أصله فى مسلم (٢٦٠٤) فى البر والصلة، باب: من لعنه النبى أو سبه أو دعا عليه وليس هو أهلا لذلك. من حديث ابن عباس- رضى الله عنهما-.
(٣) صحيح: أخرجه البخارى (٦٣٠٤) فى الدعوات، باب: لكل نبى دعوة مستجابة، ومسلم (١٩٩) فى الإيمان، باب: اختباء النبى دعوة الشفاعة لأمته. من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه-.