للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البدعة، لأنه- صلى الله عليه وسلم- علمهم كيفية الصلاة بالوحى، ففى الزيادة على ذلك استدراك عليه. انتهى.

قال الحافظ ابن حجر: وابن أبى زيد ذكر ذلك فى الرسالة فى صفة التشهد، لما ذكر ما يستحب فى التشهد، ومنه: اللهم صل على محمد وآل محمد، فزاد: وترحم على محمد وآل محمد، وبارك على محمد وآل محمد إلخ. فإن كان إنكاره ذلك لكونه لم يصح فمسلم، وإلا فدعوى من ادعى أنه لا يقال: وارحم محمدا، مردودة لثبوت ذلك فى عدة أحاديث أصحها فى التشهد: «السلام عليك أيها النبى ورحمة الله وبركاته» .

قال: ثم وجدت لابن أبى زيد مستندا، فأخرج الطبرى فى تهذيبه «١» ، من طريق حنظلة بن على عن أبى هريرة رفعه: «من قال اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وترحم على محمد وعلى آل محمد كما ترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، شهدت له يوم القيامة وشفعت له» ورجال سنده رجال الصحيح، إلا سعيد بن سليمان مولى سعيد بن العاصى، الراوى له عن حنظلة بن على فإنه مجهول، وهذا كله فيما يقال مضموما إلى السلام أو الصلاة.

وقد وافق ابن العربى الصيدلانى من الشافعية على المنع. ونقل القاضى عياض عن الجمهور الجواز مطلقا، وقال القرطبى فى «المفهم» : إنه الصحيح لورود الأحاديث به، وخالفه غيره. ففى «الذخيرة» من كتب الحنفية عن محمد: يكره ذلك لإيهامه النقص، لأن الرحمة غالبا إنما تكون لفعل ما يلام عليه. وجزم ابن عبد البر بمنعه، فقال: لا يجوز لأحد إذا ذكر النبى- صلى الله عليه وسلم- أن يقول: رحمه الله، لأنه- صلى الله عليه وسلم- قال: «من صلى على» ولم يقل: من


(١) هو كتاب «تهذيب الآثار» لابن جرير الطبرى، لو تم لكان من خير ما كتب فى بابه، حيث أن ابن جرير كان إماما مجتهدا مستقلا لم يتقيد بمذهب معين فكان سيكون كتابه فقها مستقلا قائما على الكتاب والسنة الصحيحة.