للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على من قاله أن يثبت ما ادعاه خبرا، ولم نسمع فيه أثرا ولا ذكر مدعيه فى ذلك خبرا، فكأنه قاله على سبيل الظن، والظن لا يغنى من الحق شيئا.

وليس كل ما خفى علينا علمه يلزمنا حجته، كأعداد الركعات وأيام الصيام، ورمى الجمرات، فإنا لا نصل من علمها إلى أمر يوجب حصرها تحت أعدادها، ولم يقدح ذلك فى موجب اعتقادنا للزومها. وقد ذكروا فى المناسبات غير ذلك ما يطول ذكره.

وعن أبى سعيد عن النبى- صلى الله عليه وسلم- قال: «أصدق الرؤيا بالأسحار» «١» رواه الترمذى والدارمى. وروى مسلم من حديث أبى هريرة عن النبى- صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب، وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا» «٢» . قال الخطابى فى «المعالم» فى قوله: «إذا اقترب الزمان» قولان:

أحدهما: أن يكون معناه تقارب زمان الليل وزمان النهار، وهو وقت استهوائهما، أيام الربيع، وذلك وقت اعتدال الطبائع الأربع غالبا، قال:

والمعبرون يقولون: أصدق الرؤيا ما كان عند اعتدال الليل والنهار وإدراك الثمار.

والثانى: أن اقتراب الزمان انتهاء مدته، إذا دنا قيام الساعة.

وتعقب الأول: بأنه يبعده التقييد بالمؤمن، فإن الوقت الذى تعتدل فيه الطبائع لا يختص به. وجزم ابن بطال بأن الثانى هو الصواب، واستند إلى ما أخرجه الترمذى من طريق معمر عن أيوب فى هذا الحديث بلفظ: فى آخر الزمان لا تكذب رؤيا المؤمن. وقيل: المراد بالزمان المذكور زمان المهدى عند بسط العدل وكثرة الأمن وبسط الخير والرزق، فإن ذلك الزمان يستقصر لاستلذاذه فتتقارب أطرافه.


(١) ضعيف: أخرجه الترمذى (٢٢٧٤) فى الرؤيا، باب: قوله لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا، والدارمى (٢١٤٦) ، وأحمد فى «المسند» (٣/ ٢٩، ٦٨) ، والحاكم فى «المستدرك» (٤/ ٤٣٤) ، بسند ضعيف.
(٢) صحيح: أخرجه مسلم (٢٢٦٣) فى الرؤيا، وطرفه الأول عند البخارى (٧٠١٧) فى التعبير، باب: القيد فى المنام.