للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى رواية الطبرانى: فإذا هو برجل أشمط جالس على باب الجنة على كرسى، وعنده قوم بيض الوجوه أمثال القراطيس، وقوم فى ألوانهم شىء، فدخلوا نهرا فاغتسلوا فيه فخرجوا وقد خلص من ألوانهم شىء، ثم دخلوا نهرا آخر فاغتسلوا فيه فخرجوا وقد خلص من ألوانهم شىء، ثم دخلوا نهرا آخر فاغتسلوا فيه وخرجوا وقد خلصت ألوانهم وصارت مثل ألوان البيض الوجوه، فقال: من هذا ومن هؤلاء الذين فى ألوانهم شىء، وما هذه الأنهار التى دخلوا فيها وقد صفت ألوانهم؟ قال: هذا أبوك إبراهيم أول من شمط على الأرض، وأما هؤلاء البيض الوجوه فقوم لم يلبسوا إيمانهم بظلم، وأما هؤلاء النفر الذين فى ألوانهم شىء فقوم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا، فتابوا فتاب الله عليهم، وأما الأنهار، فأولها رحمة، والثانية نعمة الله، والثالث وسقاهم ربهم شرابا طهورا.

وفى رواية البخارى فى الصلاة (ثم عرج بى حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام) الحديث «١» . والمستوى: المصعد. وصريف الأقلام: - بفتح الصاد المهملة- تصويتها حالة الكتابة.

والمراد: ما تكتبه الملائكة من أقضية الله تعالى. والقدر المكتوب قديم، وإنما الكتابة حادثة، وظاهر الأخبار أن اللوح المحفوظ فرغ من كتابته، وجف القلم بما فيه قبل خلق السماوات والأرض، وإنما هذه الكتابة فى صحف الملائكة كالفروع المنتسخة من الأصل، وفيها الإثبات والمحو على ما ذكر فى الآية. وذكر ابن القيم: أن الأقلام اثنا عشر قلما، وأنها متفاوتة فى الرتب:

فأعلاها وأجلها قدرا، قلم القدر السابق، الذى كتب الله به مقادير الخلائق، كما فى سنن أبى داود، عن عبادة بن الصامت قال: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: «إن أول ما خلق الله تعالى القلم، قال له: اكتب، قال:


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٣٤٩) فى الصلاة، باب: كيف فرضت الصلوات فى الإسراء، من حديث أبى ذر- رضى الله عنه-.