إنما وجدت بمشيئته وقدرته ﷾، وفي هذا ردٌّ على القدرية؛ كالمعتزلة، الذين يُخرجون أفعال العباد عن قدرة الله وعن مشيئته (١)، فأفعال العباد عندهم لا تتعلق بها مشيئة الله وقدرته وخلقه! فالعباد هم الخالقون لأفعالهم يتصرفون بدون مشيئة الله، والله لا يقدر أن يجعل القائم قاعدًا، والقاعد قائمًا، ولا المؤمن كافرًا، ولا الكافر مؤمنًا، فكل ما يجري في الوجود من أفعال العباد، وأفعال الحيوان، خارج عن مشيئة الله، والله تعالى لا يقدر على أن يمنع شيئًا من هذه الأمور! فالقتال الذي يجري بين الناس لمختلف الأسباب والدوافع ليس بمشيئة الله بزعمهم، والله تعالى يقول: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (٢٥٣)﴾ [البقرة]، ﴿وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (١٣٧)﴾ [الأنعام].
هذا مضمون هذا المذهب القبيح المنكر.
وقوله:«وكل شيءٍ إليه فقير»، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (١٥)﴾ [فاطر]، كل شيء إليه فقير وهو الغني بذاته عن كل من سواه.
فالغنى المطلق من لوازم ذات الرب تعالى، والفقر من لوازم المخلوق، فالفقر صفة ذاتية للمخلوق، والغنى صفة ذاتية للخالق.