للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من يعبد القمر، ومنهم من يعبد البقر، ومنهم من يعبد الأصنام المختلفة، ومنهم من يعبد الصليب، لكن لا معبود بحق إلا الله .

إذًا؛ كلمة التوحيد مركبة من النفي والإثبات، نفي الإلهية بحق عن كل أحد إلا الله، فالله تعالى هو الإله الحق، وكل معبود سواه باطل، قال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٦٢)[الحج]، فالنفي هو الكفر بالطاغوت، والإثبات هو الإيمان بالله، قال تعالى: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى﴾ [البقرة: ٢٥٦].

ف «لا إله إلا الله» تتضمن الإيمان بالله والكفر بالطاغوت، وتتضمن التولي لله ومحبته وإجلاله، والبراءة من كل معبود سواه، كما قال الخليل لأبيه وقومه: ﴿إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (٢٧)[الزخرف]، وفي آية أخرى يقول: ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٧٥) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (٧٦) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (٧٧)[الشعراء]، وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: ٣٦]، فما بعث الله به رسله متضمن لمضمون هذه الكلمات، فقوله تعالى: ﴿اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ هو معنى «لا إله إلا الله»، ف «اعبدوا الله» مُقتضَى الإثبات، و «اجتنبوا الطاغوت» مُقتضَى النفي، فمعنى هذه الآية: آمنوا بالله وخصوه بالعبادة، واجتنبوا عبادة ما سواه واكفروا به.

* * *

<<  <   >  >>