للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تطوعًا، أو قرأ قرآنًا، أو سبَّح وهلَّل وكبَّر، يريد أن يكون ذلك عن الميت؛ فإنه ينفعه ذلك، قياسًا لهذه العبادات على ما وردت به النصوص، وهؤلاء لا فرق عندهم بين فرض ونفل أو نذر، فينتفع الميت بها جميعًا.

وفي هذا تفصيل؛ فأما الصيام فقد ثبت في الصحيح عن النبي أنه قال: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه» (١).

وهنا اختلف أهل العلم على مذاهب، فمنهم من قال: لا يُصام عن الميت مطلقًا، وإنما يُطعم عنه عملًا بما صح عن ابن عباس أنه قال: «لا يصلي أحد عن أحد، ولا يصوم أحد عن أحد، ولكن يطعم عنه مكان كل يوم مُدًّا من حنطة» (٢).

وهذه النصوص ربما أجابوا عنها بالنسخ، ولا شك أن هذا الأثر لا يقاوم النصوص الصحيحة الصريحة، والمشهور عن الإمام أحمد: أنه يُصام عن الميت النذر خاصة، أما الفرض؛ كقضاءِ رمضان، والكفاراتِ؛ ككفارة القتل فلا تصام عن الميت، وإنما يُطعم عنه (٣) على ما جاء في أثر ابن عباس ، ولكن الحديث لفظه عام: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه».

وإذا كان سبب الحديث هو السؤال عن صوم النذر؛ ف «العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب».


(١) البخاري (١٩٥٢)، ومسلم (١١٤٧) من حديث عائشة .
(٢) رواه النسائي في الكبرى (٢٩١٨)، وصححه ابن حجر في «التلخيص الحبير» ٣/ ١٤٦٤، وانظر: نصب الراية ٢/ ٤٦٣.
(٣) سنن أبي داود (٢٤٠٠)، والمغني ٤/ ٣٩٨، وإعلام الموقعين ٤/ ٣٩٠، وتهذيب السنن ٣/ ٢٧٩.

<<  <   >  >>