وقالت القدرية نفاة القدر: إن العباد هم الخالقون لأفعالهم، فأفعال العباد مخلوقة لهم، وليست بمشيئة الله ولا بقدرته ولا بخلقه. وقالت الجبرية: إن أفعال العباد مخلوقة لله، والعبد لا فعل له؛ بل أفعاله مجبور عليها كحركة المرتعش، وكالريشة في مهب الريح، وحركة الأشجار.
فأثبتوا القدر وعموم خلق الله، لكنهم سلبوا العبد قدرته واختياره وأفعاله، وقالوا: إن نسبة الأفعال إلى العباد مجاز، ومعناه: أنه ليس هو الراكع والساجد؛ لأنه ما فعل هذا بقدرته؛ إذ لا مشيئة له ولا قدرة.
وجاءت الأشاعرة فلفقوا كعادتهم وقالوا: أفعال العباد خلْقٌ لله، وكسب من العباد، لكن مفهوم الكسب عندهم هو: الفعل المقارن للقدرة المحدثة، وهذا بنوه على مذهبهم في نفي الأسباب.
فيرون أن العلاقة بين الأسباب والمسبَّبَات، وبين قدرة العبد وأفعاله، مجرد الاقتران، فيقولون: إن الله يفعل عند الأسباب لا بها، فليس عندهم باء سببية؛ بل يرونها للمصاحبة.