للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكل شيء، والإيمان بكتابته لمقادير الأشياء في أم الكتاب، والإيمان بعموم مشيئة الله، وأنه لا خروج لشيء عن مشيئته، وأنه تعالى خالق كل شيء، فبفضله تعالى اهتدى المهتدون، وبعدله تعالى ضل الضالون: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧)﴾، هذا دعاء حقيق بأن نعرف معناه وقدره وضرورتنا إلى مضمونه، ﴿وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٥)[يونس].

فيجب الإيمان بالقدر، والإيمان بالقدر يشمل الإيمان بأن الله قد علم أهل الجنة من أهل النار، وكتب ذلك، ولهذا لما أخبر الرسول بأنه: «ما من نفس إلا وقد علم مكانها من الجنة ومكانها من النار»، قال رجل: أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ فقال: «اعملوا فكل ميسر، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة، فييسرون لعمل أهل الشقاوة» (١)، وسئل النبي : أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه أشيء قضي عليهم ومضى فيهم من قدر قد سبق أو فيما يستقبلون به مما أتاهم به نبيهم وثبتت الحجة عليهم؟ فقال: «لا؛ بل شيء قضي عليهم ومضى فيهم، وتصديق ذلك في كتاب الله ﷿: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (٨)[الشمس]» (٢).

والنظر للقدر في أمر الإيمان والكفر، والطاعة والمعصية، من أعظم مداخل الشيطان؛ لأن الشيطان يوسوس ويقول: ما دام الأمر قد مضى


(١) تقدم في ص ١٩٣.
(٢) تقدم في ص ١٩٤.

<<  <   >  >>